تمثل الطائرات المسيرة أو طائرات الاستطلاع المعروفة شعبيا بـ"الزنانة" نذير شؤم لسكان قطاع غزة منذ سنوات ، فتحليقها الدائم في أجواء القطاع الساحلي الصغير ينذر بالموت أو الخراب.
وتشكل هذه الطائرة الصغيرة -التي لا تكاد ترى بالعين المجردة- قطعة رئيسية في الترسانة العسكرية لكيان الاحتلال منذ استخدامها في الأراضي الفلسطينية -على نحو واسع- بعد اندلاع انتفاضة الأقصى في العام 2000، وفقا لخبراء عسكريين وأمنيين فلسطينيين.ويستخدم جيش الكيان أنواعا مختلفة من هذه الطائرات في الحروب وعمليات التصعيد ضد غزة، ويبرز دورها في العدوان الجاري والاعتداءات السابقة، سواء في تنفيذ عمليات تصفية جسدية عبر قصف سيارات وأشخاص، أو في مشاركة المقاتلات الحربية في تدمير المباني السكنية والتجارية، فضلا عن دورها المعتاد في الرقابة وجمع المعلومات.
ويقول خبراء فلسطينيون إن الكيان يصنع أنواعا مختلفة من هذه الطائرات وتجربها في الأراضي الفلسطينية قبل الترويج لها وتسويقها في أسواق السلاح العالمية.
ويعتبر الكيان من بين 6 دول على قائمة دول تصنع أخطر 10 طائرات مسيرة عسكرية نشرها موقع "آرمي تكنولوجي" (Army Technology) الأميركي مطلع العام 2020.
** سرعة ودقة
أوضح الخبير في الشؤون الأمنية محمد أبو هربيد في تصريحات سابقة نشرها موقع الجزيرة ، إن الكيان من أقدم دول العالم وأكثرها تصنيعا واستخداما لطائرة الاستطلاع التي أصبحت فيما بعد تسمى "طائرة مسيرة" لما طرأ عليها من تطوير هائل، وهي طائرة عملياتية غير مأهولة، وتشكل جزءا أساسيا مهما من الترسانة العسكرية للكيان والدول الكبرى.
ويضيف أبو هربيد : ومع التطوير المستمر الذي يدخله الكيان على هذه الطائرة أصبحت تقوم بـ3 مهام أساسية، هي: التصوير والتعقب، الاغتيال والتصفية الجسدية، وتوجيه الطائرات الحاملة للقاذفات".
ويوضح أن الكيان يعتمد على هذه الطائرة بصورة كبيرة في تنفيذ عمليات هجومية يستلزم تنفيذها التعامل مع معلومة سريعة ودقيقة.
بدوره، يضرب الخبير في الشؤون العسكرية والإستراتيجية اللواء متقاعد رفيق أبو هاني مثالا لذلك بعملية اغتيال القيادي العسكري البارز في سرايا القدس الذراع العسكرية لحركة الجهاد الإسلامي بهاء أبو العطا أواخر العام 2019، ويعتقد أنها جرت بواسطة طائرة من طراز "كواد كابتر" التي بإمكانها حمل قنبلة وتحويلها إلى "طائرة انتحارية"، ويجري التحكم بها عن بعد.
وفي وقت سابق نشرت صحيفة "إسرائيل اليوم" العبرية تفاصيل عملية الاغتيال، وقالت إنها جرت بعد وقت طويل من تعقب أبو العطا ورصد تحركاته اليومية بواسطة طائرة مسيرة، وتحدثت بشكل واسع عن دور هذه الطائرة في جمع المعلومات وتنفيذ العملية.
ولما تمثله هذه الطائرة من أهمية عسكرية للكيان أوردت الصحيفة على لسان مسؤول صهيوني سابق عن حركة الطائرات المسيرة خلال حرب 2014 أنها قامت خلالها بحوالي 75% من الطلعات الجوية.
ويقول أبو هربيد إن الكيان يعتمد على أنواع من هذه الطائرة تصل إلى أهداف دقيقة وتنفذ مهامها "خلسة وبشكل مباغت وخاطف".
ويوضح أبو هاني أن واحدا من الأنواع هو "كواد كابتر"، وهي طائرة صغيرة بـ4 مروحيات، أدخلها الكيان للخدمة قبل نحو 3 سنوات، ويتم إطلاقها من أي مكان بواسطة شخص واحد يتحكم بها، وهي محملة بكاميرات عالية الدقة، ومزودة بقنبلة.
ويقول إن الكيان تجري عمليات تطوير مستمرة على هذه الطائرات، بحيث تصبح ذات سرعة وقدرة فائقة على المناورة وتحديد الهدف
* أنواع ومهام
في يونيو/حزيران 2020 كشفت القناة الـ13 العبرية عن أن إدارة تطوير الأسلحة في وزارة الجيش وبالتعاون مع الصناعات الجوية نجحت في تصنيع طائرة مسيرة من الورق تقريبا، وبتكلفة منخفضة جدا، حيث يصل طول جسم الطائرة إلى 1.65 متر وعرض الأجنحة إلى 1.5 متر، وهي قادرة على حمل وزن يصل إلى 7 كيلوغرامات.
ويقول أبو هاني إن الكيان يصنع أنواعا متعددة من هذه الطائرات، أشهرها استخداما في غزة والأراضي الفلسطينية "كواد كابتر"، و"هيرمز 450" وهذا النوع يتميز بالقدرة العالية على عمليات الرصد ليلا ونهارا، وهي محملة بـ380 كيلوغراما من المتفجرات (6 صواريخ)، ويمكنها التحليق لمدة 30 ساعة متواصلة، ويتم التحكم بها عن بعد ألف كيلومتر.
ويقوم هذا النوع من الطائرات المسيرة بمهام الرقابة والاستطلاع والقيام بمهام هجومية، وبحسب أبو هاني فإن الكيان يستخدمها في حربها الحالية على غزة لدعم المهمات القتالية وتعديل نيران المقاتلات الحربية والمروحيات، وفي تنفيذ مهام تجسس تستهدف فصائل المقاومة على وجه التحديد، فضلا عن تنفيذ مهام هجومية وتصفية جسدية.
وبات يعرف شعبيا على نطاق واسع خلال الحرب المستعرة حاليا في غزة أن صاروخا من هذه الطائرة على مبنى أو منشأة يعني أن مقاتلة الكيان ستعقبه بعد دقائق معدودة بصواريخ مدمرة تسوي الهدف بالأرض.
** صراع أدمغة
وبينما يستخدم الكيان التكنولوجيا المتطورة في العمليات العدائية على الشعب الفلسطيني -خصوصا في غزة- تعمل المقاومة بإمكانيات بسيطة للحد من خطورتها وقدرتها على العمل بحرية.
ويقول أبو هاني إن فصائل المقاومة نجحت غير مرة في "فك شفرة" طائرة "كواد كابتر" وأنواع أخرى واختراق لوحة التحكم بها وإسقاطها، فضلا عن إسقاط طائرات أخرى بواسطة بنادق قنص، أبرزها بندقية طورتها كتائب عز الدين القسام وتطلق عليها اسم "الغول".
ولتجنب خطر هذه الطائرات في عمليات التعقب والمراقبة والتنصت على الاتصالات عملت المقاومة على تحييدها بعدم استخدام وسائل اتصالات لاسلكية، والاعتماد على شبكة اتصالات سلكية آمنة، وخفض مستوى الحركة والتنقل فوق الأرض خلال سير عمليات المواجهة العسكرية