كثف الجيش الروسي، خلال الساعات الماضية من تحركاته العسكرية للسيطرة على بلدة أفدييفكا، الواقعة شرقي أوكرانيا من خلال تطويقها من عدة جبهات، واعترف الجيش الأوكراني، بأنه يواجه صعوبات كبيرة في أفدييفكا التي تعتبر منطقة استراتيجية في معركة بالبلدة مستمرة بين روسيا وأوكرانيا منذ منتصف أكتوبر الماضي، دون حسم.
باتت أفدييفكا، من أهم النقاط الساخنة على الجبهة، حيث أحرز الجيش الروسي تقدمًا خلال عطلة نهاية الأسبوع، حيث صرح رئيس الإدارة العسكرية في البلدة، فيتالي باراباش، بأن القوات الروسية تتقدم من جميع الجهات صوب هذه البلدة الواقعة شرق أوكرانيا بعد قتال حولها مستمر منذ أسابيع.
وهناك تضارب في الأنباء حول دخول القوات الروسية بعمق 1 كيلومتر من جهة الشمال، ولكن الصورة الأدق هي أن الأعمال الحربية هناك هي أعمال "كر وفر" بين الطرفين.
وتحدث متخصصان، أحدهما روسي لموقع "سكاي نيوز عربية" عن أسرار معركة أفدييفكا وأسباب تمسك الجيشين الروسي والأوكراني بمعركتها المستمرة منذ شهر ونصف الشهر دون منتصر حتى الآن، فضلًا عن النتائج المترتبة على سقوط المدينة الصناعية والاستراتيجية بيد الروس.
باخموت الجديدة
يقول الباحث الروسي المتخصص في الشأن الدولي، تيمور دويدار: "يبدو أن الخطة الروسية في أفدييفكا تتلخص في تحويل هذه المدينة التي تشكل (نقطة محورية) في مسار الحرب إلى باخموت ثانية، أي إلى بؤرة قتال جديدة تستهلك الموارد البشرية والمعدات والآلات العسكرية الأوكرانية، إذ يبدو بوضوح أن السيناريو نفسه يتكرر؛ فالرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، مصر على التمسك بهذه المدينة الصناعية قليلة السكان، في حين أن الجنرال فاليري زالوجني، لا يعتبر أن ذلك ضروريًا".
وأضاف تيمور دويدار، في تصريحات خاصة لموقع "سكاي نيوز عربية": "ينظر زيلينسكي إلى البعد السياسي للمعركة، والغاية الأساسية لديه هي تحقيق إنجاز ما على الجبهة يرفع من أسهم القيادة الأوكرانية أمام الدول الغربية، التي تقدم المساعدات لأوكرانيا، وبالتالي استجرار المزيد من المساعدات".
وتحاول القوات الروسية السيطرة على المدينة عبر 3 محاور، بحسب ما يرى، الباحث الروسي، تيمور دويدار:
المحور الأول:
جنوب شرق المدينة، حيث توجد المنطقة الصناعية الجنوبية، وقامت روسيا بقصفها بالقذائف العنقودية بتاريخ 22 نوفمبر الجاري، وتكبدت أوكرانيا خسائر بشرية كبيرة فيها.
المحور الثاني:
شمال غرب المدينة، حيث توجد مجموعة من القرى، أهمها (كراسناغورافكا، ستيبوفي، بيرديتشي)، كما يوجد شمال غرب المدينة مصنع كبير وهو مصنع أفدييفكا الكيميائي لفحم الكوك Avdiivka Coke and Chemical Plant (AKHZ)، وهو من المصانع الكبرى في أوروبا.
المحور الثالث:
جنوب المدينة، حيث تتوضع عدة قرى صغيرة، أهمها: أوبيتنوي، فادينوي، سيفيرن، والقتال كان شديداً على المحورين الأول والثاني، ولكنه أقل وطأةً على المحور الثالث.
يرى المتخصص بالشؤون الدولية بالجامعة الوطنية أوديسا بأوكرانيا، واتلينغ كودراخيين، أن روسيا تعمل بقوة خلال الفترة الحالية لتحقيق مكاسب على الأرض في تلك النقطة المحورية (أفدييفكا) الواقعة بمنطقة دونيتسك؛ فتلك المدينة باتت شبه خالية من السكان ولم يتبقى بها سوى 1500 شخص فقط، بعد أن كان تعدادها أكثر من 37 ألف شخص قبل بدء الحرب في 22 فبراير 2022، بالإضافة لوجود مصانع عملاقة للفحم في تلك المنطقة ما يمنحها ميزة اقتصادية وقيمة استراتيجية هامة.
ويُضيف واتلينغ كودراخيين، خلال تصريحاته لموقع "سكاي نيوز عربية"، أن روسيا تحاول استغلال الانشغال الدولي الحالي بالصراع في منطقة الشرق الأوسط بين إسرائيل وحركة حماس، من أجل كسب أكبر مساحة ممكنة من النقاط الاستراتيجية في ساحة المعركة.
ويُشير واتلينغ كودراخيين، إلى أنه حال السيطرة الروسية على تلك المدينة يترتب عليه عددًا من النتائج منها:
قد تضطر كييف للانسحاب إلى خطوط دفاعية خلفية جديدة وتقوية هذه الدفاعات ريثما تصل طائرات (إف-16) ومزيد من الصواريخ بعيدة المدى لكي تتمكن من تحقيق خرق ما على الجبهة.
مزيد من التراجع في معنويات الجيش الأوكراني في ظل ضربات روسية قوية على طول خط المواجهة.
ثبات الغرب بقيادة أميركا على نظريته بترشيد الدعم إلى كييف لا سيما بعد 7 أكتوبر 2023، وربما إعادة النظر في حزم المساعدات المالية والعسكرية المقبلة.