تصور الكل أن حرب أوكرانيا باتت منسية في ظل الانشغال بما يحدث في فلسطين وقطاع غزة على الخصوص من استمرار إسرائيل في عدوانها الغاشم بهدف إبادة سكان غزة والقيام بعمليات تطهير عرقى وتهجير قسرى، إلا أن موسكو فاجأت العالم بشن أكبر هجوم جوى على كييف ومدن أوكرانية ليخرج الرئيس الأمريكى جو بايدن ويطالب الكونجرس باتخاذ خطوات "طارئة" لدعم أوكرانيا، ولتعلن بريطانيا إرسال 200 صاروخ بريطاني الصنع إلى أوكرانيا، لكن السؤال ما دلالة هذا الهجوم في هذا التوقيت وما علاقة ذلك بحرب غزة.. وهل هذا يكشف نوايا العالم لعام 2024؟
لذلك، أعتقد أن هجوم روسيا على كييف الذى يأتي مع بدء الشتاء واستهداف البنية التحتية للكهرباء والطاقة في كييف وردا على الهجوم المضاد سيرفع سقف روسيا في المفاوضات خلال 2024 والتي يتم الحديث عن انطلاقها ويجهض الهجوم المضاد الذى شنته أوكرانيا لإرضاء الولايات المتحدة وبريطانيا، ما يعنى أن الحديث عن سلام وبدء مفاوضات بات مهددا وأن الحرب مستمرة لأن روسيا بهذا الهجوم تؤكد للعالم وللغرب أن الجيش الروسى لم يستخدم ترسانته المتطورة، وأن ما زال لديه القدرة والمقدرة لخوض معارك طويلة الأمد وأشد ضراوة.
إضافة إلى أن هذا الهجوم الروسى الكبير يؤكد أن بوتين لا يزال لديه طموحات كبيرة لم تتحقق في أوكرانيا، وقد يسعى للسيطرة على أراضٍ جديدة خاصة أنه يُجهز لإعادة انتخابه في العام المقبل ويحتاج إلى انتصارات جديدة، وبالتالى يصبح من المؤكد أن لا أوكرانيا ولا روسيا مستعدّة حاليا للتفاوض، وأنه لا يزال الجانبان يتطلّعان بالفعل إلى القتال خلال العام المقبل.
أما ما يحدث في غزة، ومواصلة التعنت الإسرائيلى وازدواجية المعايير من قبل الغرب والولايات المتحدة، وحديث الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش، إن خطر اندلاع صراع أوسع نطاقا يبقى قائما ما دامت الحرب مستمرة في قطاع غزة، يؤكد قتامة المشهد خلال الفترة المقبلة وعدم إنهاء الحرب قريبا.
وأيا كان الأمر بشأن نوايا العالم لـ2024، فإن التخوف الأكبر لدىّ أن التخبط السياسي والعسكري لإسرائيل خلال الحرب على غزة يدفعها لتحقيق أي مكاسب 2024، وهنا أتحدث عن سعى الاحتلال الدؤوب الآن لتهويد القدس في ظل الانشغال بغزة، نقول هذا في ظل وجود ممارسات تهويدية للكيان الصهيونى الآن في المدن الفلسطينية خاصة فى القدس الشريف وفي ساحة المسجد الأقصى ما يكشف نية الاحتلال لتعزيز سياسة الأمر الواقع والعمل على تغيير الواقع الزمانى والمكانى في القدس الشريف وهو ما يجب أن ننتبه إليه، أيا كان وضع الصراع خلال 2024..
نهاية.. الحقيقة المؤكدة هي أن العالم يحبس أنفاسه في ظل احتدام الصراع سواء في أوكرانيا أو في ظل التخوف من تفاقم الأوضاع واتساع الحرب في الشرق الأوسط جراء عدوان إسرائيل الغاشم المستمر على غزة، وفى ظل سخونة الصراع في عدد من بؤر الصراع مثل ما يحدث في السودان وتفاقم الأزمة الإنسانية، وفى تايوان وما يحدث من تحرش أمريكى صيني، وفى كوريا الشمالية وانطلاق صواريخ عابرة للقارات وكذلك في فنزويلا بعد إعلان حالة التأهب العسكرى للجيش الفنزويلي ردًا على تحرك بريطانى فى جويانا، إضافة إلى سخونة التصعيد بين صربيا وكوسوفو، غير اضطراب الملاحة البحرية في البحر الأحمر وتهديد التجارة العالمية في مضيق هرمز وتفاقم الأزمات الاقتصادية العالمية جراء موجة التضخم التي تهدد الاستقرار في كثير من البلدان النامية والدفع إلى حروب واضطرابات خلال 2024 .