ظلت ( الحرب ) نزعة تعاني منها البشرية منذ بدء الخليقة ، لذلك سعت الاديان السماوية جميعا والمفكرون منذ اقدم العصور ، الى افراد القواعد وتقنين الشرائع واللوائح واصدار القوانين والانظمة ، لتخفيف من اثارها والحد من غلوانها. وبهذا المعنى فالحرب والانسانية في تناقض دائم ، فالاولى في نزاع وصراع ودمار وقتال ، واما الثانيه فهي رحمة ووئام وسلام وتعايش ،
الحرب بهذا المعنى ومن حيث جوهرها ضد الانسانية وقيمها وضد الحياة واستمرارها وضد السلام والاستقرار والتنمية ، ظلت القاعدة في العلاقات الدولية هي الصراع والحرب وليس الوئام والسلام ، اللذان كانا الاستثناء باستقرار التاريخ الانساني منذ اقدم العصور وفي تاريخ البشرية المعاصرة . فمنذ نهاية الحرب العالمية الثانية شهد العالم حروب اقليمية ودولية ومحلية وسياسية ونزاعا مسلحا راح ضحيتها الملايين من البشر فضلا عن تشريد الملايين من اوطانهم وبيوتهم . فالحرب بوصفها ظاهره اجتماعية فان لها العديد من الاسباب الاقتصادية والسياسية والعسكرية والفلسفية والتاريخية والاخلاقيه …هي استمرار للسياسة بوسائل اخرى ، اي بوسائل العنف حسب المفكر النمساوي ( كلاوزفتيز ) في كتابه ( الحرب ) الذي استشهد به لنين اكثر من مرة ،معتبرا اياه اعمق كتاب في القضايا العسكرية. واذا كان الانسان هو الذي ابتدع الحرب ،فانه راح ضحيتها واكتوى بنارها ، وبهذا المعنى فالحرب من الزاوية الانسانية " هي مستنقع الاجرام الدولي " حسب البرفسور محمد عزيز شكري .
اما تأثير الحروب على العالم العربي فان الاحداث آلتي يعيشها بلدان العالم العربي والتي تعرضت لمأسي واهوال الحرب فلسطين ،ودول المنطقة التي القت بظلالها على اطفال ونساء هذه الدول بشكل خاص .وعلى الرغم من انه لا توجد إحصائية رسمية حتى الان تبين الاثار النفيسة التي عانى ويعاني منها هؤلاء الاطفال الا ان الآثار النفسية لدى الاطفال هي اثار بالغة تتراوح بين مراحل الصدمة واثار ما بعد الصدمة . ولا يزال العالم العربي يعاني اليوم من كوارث انسانية نتيجة الحروب ويذهب ضحيتها الاطفال الابرياء التي تنتهك برائتهم احلامهم العابهم كتبهم قصصهم مدارسهم . ويعيش الطفل العربي في ظروف سياسية أسوأ من تلك الذي يعيش في ظلها نظائره من باقي دول العالم من الفقر ،الجوع والخوف والامراض المرتبطة بسوء التغذية والتلوث واضطراب مشاعر الناس ومواقفهم لما تحويه الحرب من ويلات وصراعات لا تنتهي اثارها بانتهاء الحرب. وعلى الرغم من تفاوت الاهتمام بقضايا الطفولة من قطر عربي لاخر الا ان الوعي بخطورة قضية الطفوله يعدها قضية بالغة الحساسية تتعلق بالمستقبل العربي الذي لا يزال عامة مفقودا .
وان ظاهرة استهداف الاطفال في الحروب ليست ظاهرة جديدة على مستوى العالم العربي ،فأطفال فلسطين ( غزة) كانوا ولا يزالوا ضحايا حرب مزمنة ، ومع توسع دائرة الحرب يسجل الضحايا من الاطفال ارقاما مفجعة في مناطق الصراع ، والتي لها اثار مدمرة على صحتهم النفسية وتعرضهم لمخاطر جسديه مما ينتج عنه صعوبات بالغة التعقيد في عملية اعادة دمجهم مجتمعيا. ورغم هذا فان اطفال غزة لن ينسوا التاريخ والارض وان اجدادهم قد دفع الثمن .