طوابير طويلة من النازحين تصطف مع ساعات الفجر الأولى على المخبز الوحيد في رفح جنوب قطاع غزة للحصول على الخبز لأطفالهم، وسط معاناة متفاقمة في المدينة التي اكتظت بأكثر من مليون ونصف المليون نازح فلسطيني هجرهم الاحتلال الإسرائيلي قسرياً من مختلف أنحاء القطاع ضمن عدوانه المتواصل لليوم الـ 125.
وفي تصريح لمراسل سانا، يقول محمد عدوان وهو نازح من مدينة خان يونس: تحت قصف الاحتلال أقطع أكثر من 6 كيلومترات من منطقة المواصي غرب رفح إلى وسط المدينة لأحصل على الخبز لأطفالي من المخبز الوحيد في المدينة وسط طوابير طويلة من النازحين الذين ينتظرون لساعات طويلة للحصول على ما يسد رمق عائلاتهم.
ويضيف: اكتظاظ كبير في رفح، الخيام على جوانب الطرقات والميادين العامة، الطعام شحيح للغاية، والكثير من النازحين وأطفالهم يقتلهم الجوع والمرض.
ووفقا لتقديرات الأمم المتحدة ومؤسسات حقوقية نزح إلى المدينة نحو 75 بالمئة من أهالي القطاع الذين يستهدفهم طيران الاحتلال ومدفعيته أينما حلوا، حيث لم يترك شبراً آمناً في القطاع.
وعلى جانب خيمته في مخيم الشابورة بمدينة رفح، أشعل علي أبو مراحيل النار ببعض البلاستيك والورق ليطهو الطعام لأطفاله الذين أنهكهم الجوع في ظل الحصار وآلة القتل والتدمير والتهجير المستمرة للاحتلال الإسرائيلي.
ويروي أبو مراحيل النازح من مخيم النصيرات وسط القطاع معاناته كحال كل أهالي القطاع قائلاً: الجوع والبرد يقتل أطفالنا.. لا يوجد طعام.. نحن عاجزون عن توفير قوت يومهم في ظل انعدام سبل الحياة.. حتى المساعدات الإنسانية التي يصل القليل منها إلى رفح غير كافية.. يمر يوم وأكثر ولا يتوفر لنا الطعام.. العالم يشاهد كيف يقتل الاحتلال والجوع والعطش الأطفال والنساء والمسنين في غزة، دون أن يحرك ساكناً.
المشهد في رفح ليس بأفضل من المجاعة التي يعاني منها عشرات آلاف الفلسطينيين في مدينة غزة وشمال القطاع، مع مواصلة الاحتلال حصار تلك المناطق وقصفه قوافل المساعدات التابعة للأمم المتحدة ومنعها من الوصول للشهر الخامس على التوالي.
محمد التلولي من مخيم جباليا شمال القطاع يروي مأساة الجوع والعطش والمرض بالقول: منذ أكثر من ثلاثة أشهر نفد الدقيق عند الأهالي في المخيم، نعتمد لنبقى على قيد الحياة على بعض الرز والعدس، ونقوم بالطهي بطرق بدائية من خلال إشعال النار، الأهالي يصارعون من أجل البقاء عبر حالة تكافل في المخيم الذي تعرض لنكبة جديدة.
ويوضح محمد خضر النازح من حي الصفطاوي جنوب غرب مخيم جباليا، والذي كان أصيب جراء العدوان أن الوضع الإنساني غرب المخيم وشمال مدينة غزة الذي يضم أحياء الشيخ رضوان والكرامة والنصر مروع، فالاحتلال دمر كل تلك المناطق وقام بعد قصفها بتجريفها، وانقطعت سبل الحياة بالأهالي في تلك المناطق ومن بينهم والدته واخوته الذين لم يتمكنوا من الخروج، بسبب كثافة قصف الاحتلال وحصار دباباته لهم.
روايات الموت والمجازر الجماعية والجوع والعطش نشرها الاحتلال في كل مكان في قطاع غزة، وآلاف العائلات التي نجت من القصف الهمجي بات يفتك بها الجوع والعطش، بينما يجد العالم الذي يدعي الإنسانية والحفاظ على حقوق الإنسان نفسه عاجزا عن وقف جرائم الاحتلال بحق الشعب الفلسطيني، بسبب الدعم الأمريكي والغربي للاحتلال في حرب الإبادة التي يشنها.