يتعرض المسجد الأقصى لتهديدات خطيرة وبصورة منتظمة من قبل المتطرفين الإسرائيليين منذ عام 1967. هذه التهديدات تصاعدت منذرة بالخطر في عام 2022 بوصول 5 عجول حمراء من تكساس الأمريكية.
من بين المحاولات الإسرائيلية الكثيرة لتغيير الوضع القائم فيما يسمونه بجبل الهيكل، وهو باحة المسجد الأقصى الشريف أولى القبلتين وثاني الحرمين الشريفين بالنسبة للمسلمين ما حدث في 14 نوفمبر عام 2006، حين أحبط حراس المسجد الأقصى محاولة أربعة من المتطرفين اليهود إجراء حفريات ليلا في مقبرة الرحمة الملاصقة لسور المسجد الأقصى من الجهة الشرقية، والتي تضم رفات عدد من الصحابة والعلماء.
مركز بيت المقدس للدراسات التوثيقية كان وصف الاعتداءات اليهودية على المسجد الأقصى في عام 2006 بأنها كانت الأخطر منذ عام 1967، مشيرا إلى أن الحكومة اليهودية وبلدية القدس والجماعات اليهودية المتطرفة استغلت الظروف الداخلية الفلسطينية في ذلك الوقت، وتم تنفيذ "الكثير من الإنشاءات لفرض الأمر الواقع على الأرض، فافتتح كنيس لصلاة اليهود أسفل وجوار المسجد الأقصى، ودشن المتاحف ليجعل له تاريخا من لا شيء، ووسع ساحة البراق والتي جعلوها ساحة للمبكى على أمجادهم المزعومة... واعتمد إنشاءات جديدة وكأنهم في سباق مع الزمن لسلب المسجد الأقصى وتهويده".
عملية طوفان الأقصى، المتمثلة في الهجوم الذي نفذ في 7 أكتوبر الماضي انطلاقا من غزة، والرد الإسرائيلي العسكري غير المسبوق والمتواصل منذ ذلك الحين والذي خلف أكثر من 28 ألف قتيل، كان أحد أسبابها "الانتهاكات الإسرائيلية في باحات المسجِد الأقصى المبارك".
الأوضاع ازدادت سوءا منذ أن تولت من توصف بأنها واحدة من أكثر الحكومات يمينية في التاريخ الإسرائيل السلطة بقيادة بنيامين نتانياهو في ديسمبر 2022.
من ذلك أن وزير الأمن القومي اليميني المتطرف إيتمار بن غفير كان زار في عام 2023 باحات الأقصى ثلاث مرات بطريقة استفزازية للتأكيد على السيادة الإسرائيلية عليها.
سر العجول الخمس:
منظمة " بونيه يسرائيل" التي تعمل مع منظمات أخرى مشابهة،على بناء ما يسمى بـ"هيكل سليمان الثالث"، منذ عام 1987، كانت استوردت في عام 2022 من ولاية تكساس الأمريكية خمسة عجول حمراء "صهباء اللون"، ووفقا للتعاليم التلمودية، على اليهود تطهير أنفسهم عن طريق دهن أجسادهم بمزيج من الماء والرماد من هذه العجول النادرة، قبل الدخول الى موقع الهيكل المقدّس.
شرائح من اليهود الذين يوصفون بالمتدينين يؤمنون بأن البقرات الحمراء هي ركيزة أساسية تمهد ببناء الهيكل اليهودي الثالث.
منظومة "معبد الهيكل" هي الأخرى تعمل بجدية على التمهيد لبناء الهيكل الثالث الذي يعتقد أنه دمر للمرة الثانية في عام 70 ميلادية، من خلال تدريب مصلين ورجال دين وصنع أدوات تستخدم في الطقوس اليهودية مثل ملابس الكهنة والمباخر وقوالب الخبز والآلات الموسيقية.
هذه العجول الخمس التي وصلت إلى إسرائيل في عام 2022 لم تكن الوحيدة، وكان أعلن قبل ذلك عن وصول هذا النوع من سلالة أبقار "أنغوس الحمراء" الامريكية في عدة مناسبات سابقة، إلا أنها ربما لم تكن مناسبة وخالية تماما من أي شوائب في اللون وما إلى ذلك.
العجول الحمراء الخمسة ما هي إلا وسيلة لتلبية عدة شروط منها أن تكون البقرة الحمراء قد ولدت في إسرائيل وألا تكون قد ربطت برسن بتاتا، ولم تستخدم في العمل مطلقا، وأن يكون عمرها 3 أو 4 سنوات.
للحصول على مثل هذه العجول الحمراء الفريدة يتم استخدام تقنيات زرع الأجنة المجمدة لماشية "أنغوس" الحمراء في الماشية الإسرائيلية.
موقع "فرانس 24" كان نقل في منتصف العام الماضي عن حاييم بيركوفيتس، وهو فرنسي إسرائيلي عضو في منظمة "بونيه يسرائيل" تأكيده أن إعادة إعمار الهيكل، هي "مسألة وقت فقط".
الحكومة الإسرائيلية الحالية هي الأخرى تنشط في هذا الاتجاه، وقد وافقت على "خطة لتوسيع وتحديث البنية التحتية والمرافق في القدس، مع الأخذ في الاعتبار التدفق المتوقع للحجاج والسياح الذين سيزورون المدينة بعد افتتاح المعبد. تنص الخطة على بناء طرق وجسور وأنفاق ومواقف سيارات وفنادق ومهاجع ومطاعم ومتاجر ومراكز ثقافية جديدة. ومن المخطط أيضا تحسين أنظمة الأمن والصرف الصحي والنقل والاتصالات في المدينة. التكلفة التقديرية للمشروع هي 10 مليار شيكل"، أي ما يعادل حوالي 3 مليارات دولار أمريكي.
المصدر ذاته نقل عن يتسهار بير، وهو مدير مركز "كيشيف" لحماية الديموقراطية في إسرائيل قوله إن "عشاق الهيكل الثالث" ليسوا بأي حال من الأحوال هامشيين، وأن هذه الشريحة من المجتمع الإسرائيلي التي كانت مؤلفة "من بضع عشرات من الأفراد قبل عشرين عاما، "عددها آخذ في الازدياد"، وعقيدتها امتدّت حتى "عمق الدائرة السياسية".
الحاخام اسحق مامو الذي كان اشترى قبل 13 عاما قطعة أرض على جبل الزيتون لاستخدامها في طقوس العجل الأحمر، كان صرح في مارس الماضي معربا عن الامل " في غضون عام ونصف من اليوم ، يمكننا أن نقيم هنا في هذه المنطقة مراسم البقرة الحمراء التي ستكون في الواقع الخطوة الأولى للمعبد".
هذا الحاخام يوضح أيضا أن هذا الطقس الديني "يحتاج إلى كهنة لم يتم تدنيسهم بلمس أي شيء ميت"، مضيفا في هذا السياق أن "معهد المعبد لديه بالفعل تسعة كهنة طاهرين"، وهؤلاء "لم يولدوا في المستشفى... ولدوا في المنزل. لأنهم كهنة. على أي حال، هم لا يذهبون إلى أي مقبرة. ويبقيهم الوالدان في موقف لن يصلوا فيه إلى أي مقبرة ، ولن يذهبوا إلى مكان آخر، أي مكان إشكالي".
اسحق مامو يعلن على الملأ قائلا: "لدينا الكاهن، لدينا العجل الأحمر، لدينا الأرض. لدينا كل شيء جاهز. نحن بحاجة فقط إلى الانتظار سنة ونصف أخرى".