قال الدبلوماسي الأمريكي السابق دينيس روس، إنه حان الوقت لكي يدرك القادة الإسرائيليون أنهم لن يتمكنوا أبداً من استئصال حركة حماس أو القضاء عليها.
وأكد روس في مقال نشرته مجلة "فورين أفيرز" الأمريكية، أن إسرائيل لن تتمكن من الاحتفاظ بوجودها في غزة.
وأشار إلى تقارير استخبارية إسرائيلية أكدت أن حركة حماس سوف تبقى "كجماعة إرهابية" بعد الحرب على غزة.
ونسب هذه المعلومات إلى تقارير للمخابرات العسكرية الإسرائيلية جرى إبلاغها لقادة إسرائيل.
ولفت إلى أنه على الرغم من هذا التقييم، فإن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يواصل الإعلان عن تحقيق "النصر الكامل" على حماس، وأن تحقيق ذلك سيستغرق "أشهراً وليس سنوات".
ورأى روس أن هذا الاعتقاد يرجع جزئيًّا إلى أن أحداث السابع من أكتوبر الماضي "غيرت إسرائيل"، حيث أحدثت "صدمة" لدى الإسرائيليين، وعززت اعتقادهم بأنهم لا يستطيعون التعايش مع سيطرة حماس على قطاع غزة.
واعتبر أن الحملة الجوية والبرية التي تشنها إسرائيل على غزة والتي تهدف إلى استئصال حماس "مهمة شاقة".
وأشار إلى أن الفلسطينيين دفعوا ثمنا باهظا لهذه الحرب، بينما تسعى إسرائيل جاهدة للتأكد من أن حماس لن تتمكن أبدا من تهديدها مرة أخرى من غزة، وهو الأمر الذي يتطلب - كما قال نتنياهو - إرسال قوات إلى مدينة رفح الجنوبية، على الحدود مع إسرائيل.
وأضاف روس أن الرئيس الأمريكي جو بايدن أصر على ألا تتم هذه الخطوة إلا بعد وجود "خطة إخلاء ذات مصداقية" لسكان غزة البالغ عددهم 1.3 مليون نسمة، والمتكدسين الآن في هذه المنطقة.
ورأى روس أن بقاء حماس في غزة بعد الحرب، كما تتوقع الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية، يحتم على نتنياهو أن يتقبل حقيقة مفادها أن أي انتصار في القطاع من غير الممكن أن يكون انتصارا كاملاً.
وأردف: "على نحو مماثل، فبينما تتأكد إسرائيل من أن حماس غير قادرة على الحفاظ على وجودها العسكري في رفح، يتعين عليها أيضاً أن تتأكد من عدم تهريب كميات هائلة من المواد إلى غزة عبر الحدود المصرية؛ حيث تشير هذه الحتمية إلى العمل على نظام مشترك أو نهج منسق مع مصر لوقف التهريب من سيناء إلى غزة."
وذكر أن "إسرائيل تحتاج إلى إستراتيجية، وليس شعارات، لضمان ترجمة جهودها العسكرية (وإنجازاتها) في غزة إلى واقع سياسي جديد، وهو واقع يعني أن إسرائيل لن تظل مهددة من القطاع".
وتابع: "كما اكتشفت الولايات المتحدة في جهودها للقضاء على داعش، لا يمكن للمرء القضاء على أي أيديولوجية. لقد هزمت الولايات المتحدة تنظيم داعش عسكريا، لكنها لا تزال تحتفظ بحوالي 3000 جندي في العراق، و900 جندي في سوريا لضمان عدم إعادة المجموعة تشكيل نفسها".
واعتبر روس أن إسرائيل لن تتمكن من الاحتفاظ بوجودها في غزة، مشيرا إلى أن إسرائيل لا تريد أن تكون مسؤولة عن 2.3 مليون فلسطيني يعيشون في القطاع.
وقال الدبلوماسي الأمريكي السابق، إن على إسرائيل ليس القضاء على حماس بل "تدمير البنية التحتية العسكرية لحماس، ومستودعات الأسلحة، والقاعدة الصناعية العسكرية، وأنظمة القيادة والسيطرة، والتماسك التنظيمي إلى حد كبير".
كما يتطلب ذلك، بحسب روس، إنشاء بديل لحماس يكون قادراً على الإدارة اليومية للقطاع، وفرض القانون والنظام اللازمين لإعادة الإعمار.
واعتبر أن هدف إسرائيل والولايات المتحدة يجب أن يكون "غزة منزوعة السلاح بشكل دائم"، لا يمكن استخدامها مرة أخرى كمنصة لشن هجمات ضد إسرائيل.
وأشار إلى أنه سيكون لذلك الفضل في إنقاذ الإسرائيليين والفلسطينيين على حد سواء، وفق رأيه، ولن تكون إسرائيل في حاجة إلى عزل غزة أو مهاجمتها.
وذكر أنه نظرا لأنه تم تدمير سبعين بالمئة من مباني شمال القطاع أو أنها أصبحت غير صالحة للسكن، فإن الخطوة الأولى في الإستراتيجية تجاه غزة يجب أن تكون إنشاء آلية إنسانية، بقيادة الولايات المتحدة، وبالشراكة مع المملكة العربية السعودية ودول الخليج وتقديم مساعدات فورية فيما يتعلق بالسكن المؤقت والمتنقل للغزيين .
وشدد على ضرورة توفير الأمن لتسليم وتوزيع المساعدات الإنسانية لمحتاجيها في القطاع، مقترحا توظيف فلسطينيين محليين غير تابعين لحماس.
وبالتوازي مع إنشاء الآلية الإنسانية أضاف روس أنه يجب على إدارة بايدن أن "تتوسط على الفور في تفاهمات بين مصر وإسرائيل لمنع تهريب الإمدادات السرية إلى حماس، وفي الوقت نفسه يجب على واشنطن العمل على تشجيع إصلاح السلطة الفلسطينية".
ورأى الدبلوماسي الأمريكي السابق أن قرار بايدن الأخير بإنشاء رصيف على البحر لتوفير وسائل إيصال المساعدات إلى قطاع غزة سيمهد الطريق لتوفير مواد إعادة الإعمار في وقت لاحق.
واعتبر أنه لن تستثمر أي جهة مانحة في غزة إذا كانت حماس تسيطر على القطاع، أو تستنزف الإمدادات منه.
ورأى روس أنه على الرغم من مخاوف إسرائيل، فمن غير الصحيح القول إن الدولة الفلسطينية التي تأتي كنتيجة لحل الدولتين ستكون بمثابة "مكافأة لحماس"، وأن المكافأة الحقيقية لحماس ستكون "موت حل الدولتين".
وقال إن الحرب في غزة أنتجت "صدمة عميقة للفلسطينيين"، وأنه يتعين عليهم أن يروا أن إسرائيل تعترف، من حيث المبدأ، بحقهم في إقامة دولتهم.
وتابع أن ذلك يعني أن "على إسرائيل أن توقف التوسع الاستيطاني، ولا بد أيضاً من توفير قدر أعظم من التواصل الإقليمي بين الفلسطينيين في الضفة الغربية، ويتعين على إسرائيل أن تدعم إصلاح السلطة الفلسطينية، للمساعدة في بناء سلطة رئيس وزراء جديد يتمتع بالصلاحيات".
وشدد روس على أنه مع خوف الفلسطينيين من عدم حصولهم على الحماية من المستوطنين المتطرفين، فإنه لا يجوز لزعماء إسرائيل أن يتسامحوا بعد الآن مع الفوضى التي ترتكبها المجموعة الاستيطانية المتطرفة "شباب التلال" وغيرها، كما ينبغي محاكمة أولئك الذين يهاجمون الفلسطينيين أو يهددونهم، ويجب إدانة المسؤولين عن التحريض.