تدبرت الفلسطينية أم نائل الكحلوت أمورها وبنت مأوى مؤقتًا فوق ما تبقى من منزلها الذي دمرته غارة إسرائيلية في جباليا شمالي قطاع غزة، حيث اختارت أن تبقى في ظل العدوان الإسرائيلي المتواصل منذ 7 تشرين الأول الماضي.
جلست أم نائل تقرأ القرآن فوق ما تبقى من ركام منزلها، حيث اختارت وعائلتها البقاء بدلا من النزوح إلى مكان آخر في القطاع الذي أحال العدوان مساحات شاسعة منه، دمارا كاملا.
وتسأل أم نائل "إلى أين نذهب؟".
وتضيف "فوجئنا وصُعقنا عندما وجدنا البيت كله مهدما، الطوابق الخمسة كلها. نصبنا خيمة وقعدنا فوق الردم".
تروي أم نائل كيف قررت مع زوجها سعيد إسماعيل بناء مأوى لهما فوق الأنقاض، في تجربة ستبقى على صعوبتها، أقل مرارة من تجربة النزوح والتشرد.
وتوضح أثناء جلوسها على أريكة أنقذتها من تحت الركام في هذا الملجأ المفتوح الذي يؤويها مع زوجها وأطفالهما الأربعة "كان أحد الطوابق عبارة عن استوديو مجهزًا بالكاميرات والمعدات وأجهزة الكمبيوتر... كل شيء صار تحت الردم".
وأضافت المرأة البالغة من العمر ستين عامًا "لا أحد يستطيع ترك ذكرياته وبيته. تعبنا فيه، ثلاثون سنة ونحن نبني فيه".
وأشارت إلى أن العائلة قررت عدم النزوح لأنه "لا يوجد مأوى. كل البيوت مدمرة"، معددة أسماء أقاربهم الذين دُمرت منازلهم أيضا.
في المأوى المؤقت، رتبوا بعض كتل الحجارة على شكل سلالم. وعلقوا واجهة ساعة محطمة على عمود نجا من القصف. وظهر حوض من النباتات الخضراء، وعلّقوا على حبل قطعا بلاستيكية حمراء لإضفاء القليل من البهجة على مشاهد الخراب المحيط بهم من كل حدب وصوب.
وتحوّل كل شيء إلى ركام بسبب القصف الإسرائيلي العنيف والمتواصل على قطاع غزة.
وتقول وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" إن "الدمار في قطاع غزة خلّف 23 مليون طن من الركام" في هذه المنطقة الساحلية الضيقة.
وقالت عبر منصة "إكس" الجمعة "سيستغرق التخلص من الركام سنوات عدة".
في مأواهم المكشوف على الريح والمطر، تتمثل المهمة الأصعب بالنسبة لأم نائل وزوجها يوميا في العثور على ما يقتاتون به.
وتقول "لا يوجد مساعدات. لم تصلنا أي مساعدات. نأخذ من حشائش الأرض ونحضر الشوربة (الحساء)".
بدوره، يوضح زوجها سعيد إسماعيل "نذهب إلى التكية وإلى الجمعيات ونقف في طابور ربما نحصل على صحن خبّيزة أو أي صحن آخر... كله خبيزة، لا نأكل شيئا" آخر.
وبلغ الوضع الإنساني مستوى كارثياً بشكل خاص في شمالي قطاع غزة، حيث يعيش الزوجان.
فقد بقي في هذه المنطقة نحو 300 ألف من سكان غزة البالغ عددهم 2,4 مليون نسمة، والذين تقدّر الأمم المتحدة أن أكثر من 1,7 مليون شخص نزحوا عن منازلهم للإقامة في مدارس أو مقرات تابعة لمنظمات دولية، أو نصبوا الخيام في مساحات عامة في القطاع.
وحذرت وكالات أممية متخصصة من مجاعة يصعب تلافيها في شمالي غزة خلال أسابيع ما لم يتمّ اتخاذ إجراءات عاجلة لإيصال ما يكفي من المساعدات وتوزيعها.