أن اعلان العفو العام بالتزامن مع احتفالات المملكة الاردنيه باليوبيل الفضي وبدء تنفيذ منظومة التحديث السياسي والاقتصادي والإداري يمثل بداية جديدة لكل من أنحرف عن مساره الصحيح وفرصة للبلاد للانطلاق نحو المئوية الثانية من تأسيسها.
حيث يأتي هذا الإعلان كخطوة استراتيجية لفتح صفحة جديدة، مع المواطنيين الذين ارتكبوا المخالفات والجنح في المجتمع بألأضافه الى انها تمنح فرصة لأولئك الذين أساؤوا لأنفسهم للتراجع عن أخطائهم والعمل على تصحيحها. بالإضافة إلى ذلك، يسعى العفو العام إلى تخفيف العبء المالي لبعض المخالفين في قوانين المرور والذين تأخروا في دفع الغرامات المستحقة عليهم، وذلك بهدف تحفيزهم على الالتزام بالقوانين وتعزيز الانضباط المجتمعي.
هذه ليست المرة الأولى التي يُصدر فيها جلالة الملك عبد الله الثاني بن الحسين "عفوًا عامًا". إنها المرة الرابعة منذ تولي جلالته مسؤولياته الدستورية، ولكن هذه المرة تأتي بطابع مختلف وتتزامن مع اعلان الأردن عن دخوله في مئويته الثانية والاحتفال باليوبيل الفضي لتولي جلالة الملك عبد الله الثاني سلطاته الدستوريه وبدء مرحلة تحديث شاملة لجميع جوانب العمل في المملكة، سواءً سياسيًا أو اقتصاديًا أو إداريًا. ولهذا السبب، كان من الضروري منح الفرصة لأولئك الذين ظلموا أنفسهم بالعودة للمجتمع والمشاركة في عملية التحديث والبناء.
بعض الأشخاص ذوي الرؤية الضيقة قد يربطون "العفو العام" بالجوانب المالية فقط، دون أن يدركوا أن هناك العديد من الأشخاص الموجودين حاليًا في السجون وقد تصالحوا بالفعل مع انفسهم وغراماتهم، ولكن لا يزال عليهم قضايا عامة معلقة، مما يحرمهم من العودة إلى أسرهم وأطفالهم. بالإضافة إلى ذلك، هناك أيضًا أشخاص محكومين بفترات قصيرة جدًا بسبب جرائم قد ارتكبوها ضد المجتمع، ورغم ذلك يسجنون في السجون بدون معيل لهم أو لعائلاتهم. والأهم من ذلك كله هو أن "العفو العام" يأتي من باب فرصة للتوبة والندم الصادق، ويمنح الفرصة لإعادة الاندماج في المجتمع وعدم تكرار الأخطاء المرتكبة في الماضي.
نعم، بالطبع، يمتلك "العفو العام" فوائد مالية هامة أيضًا، حيث يتيح للمواطنين الفرصة للإعفاء من بعض المخالفات البسيطة التي تفرض عليهم بسبب أخطاء يمكن تصحيحها أو التراجع عنها. كما يتضمن أيضًا إعفاء الغرامات المفروضة على تأخير سداد المستحقات المالية، والتي قد تصل قيمتها إلى عشرات الملايين من الدنانير في بعض الحالات، وهذا سيخفف بالتأكيد على المواطنين بعض الأعباء المالية التي يتحملونها.
أثناء مناقشة الحكومة للأسباب التي تبرر مشروع قانون العفو العام لعام 2024، أكدت الحكومة بقوة أن هذا المشروع يهدف إلى خدمة المصلحة العامة والحفاظ على حقوق المواطنين الشخصية والحقوق المدنية. كما يسعى المشروع إلى ترسيخ مبادئ العدالة وتطبيقها بشكل صارم، مع التأكيد على مبدأ سيادة القانون واحترامه. وفي الوقت نفسه، فإن هذا القانون لا يتعارض مع الأمن الوطني والسلم المجتمعي، بل يعمل على تحقيق التوازن بين حماية المجتمع وتقديم العدالة للأفراد.
ثلاثة قوانين عفو عام تم اقرارها منذ تولي جلالة الملك سلطاته الدستورية، حيث تم اعتماد أول قانون في عام 1999، ومن ثم صدور قانون عفو عام ثاني في عام 2011، بينما تم اقرار قانون العفو العام الثالث في عام 2019. ويبدو أن قانون العفو العام الرابع على وشك الاقرار.
بالمختصر، العفو العام يمثل فرصة مهمة لتصحيح الأخطاء والتقدم نحو التغيير الإيجابي، حيث يمنح الفرصة لأولئك الذين أساؤوا لأنفسهم فرصة للمصالحة والمشاركة الإيجابية في المجتمع. والأهم من ذلك، يأتي هذا العفو في سياق منظومة التحديث الثلاث ودخول المملكة في مئويتها الثانية والاحتفال باليوبيل الفضي، وهو رمز لتسامح جلالة الملك وتضامنه مع شعبه النشامى و وطنه الاردن الكبير بأهله