في ال 31 من آذار نستذكرك وقد مضى ثمانية أعوامٍ كامله على خبرٍ مفزع ألهب ألمشاعر وجمَدَ ألدماءَ في ألعروق….خبرُ نسرٍ هوى بجناحيه فهوت معه قلوبٌ لم تكّفُ يوماً عن ألخفقان بحبه وعاصرت شبابهُ الغض المليئ بالحيويه وألطله البهيه .
فيا لهفٍ عليه ولهف نفسي
أيصبحُ في الضريح وفيه يُمسي
ثمانية ثقيلات مرّت منذ أن غيبتك الشهادة عنا يا ولدي، حيث اختارك المولى عزّ وجلّ واصطفاك من بين عباده ، ( وَيَتَّخِذَ مِنكُمْ شُهَدَاءَ ۗ) ؛ لترحل بجسدك الطاهر عنا، وتبقى لنا ذكراك العطرة..... …ولا أدري إن كنتُ سأكتب في الذكرى التاسعه لرحيلك أو سأكونَ بقربك وقد شفّعك الرحمن الرحيم بي بإذنه تعالى.
أي معاذ … رحلتَٓ عن العيون المحشورة بها الدموع ،ولم ترحل عن القلوب ، قلوب الأبِ الصابر والأم الثكلى ،والزوجة الملتاعة والأطفال الأربعة ،قلوب الأشقاء والأهل والعشيرة ، قلوب زملاءك رفاق السلاح ، وقلوبَ محبيك … جميعهم مسكونون بأوجاعهم التي يخفونها في صدورهم ، فقد سقطت أغصانُ الفرح في دواخلهم …. يجتاحهم الحنين ، يرتفع موج الشوق ، ويرتطمُ الدمع بشواطئ الجفون …..تعيشُ في جوانح ذاكرتهم ليل نهار ….كيف ينام من يتوسّد ذاكرته ؟؟؟
ليس تمةَ موتى غير أولئك الذين تواريهم في مقبرة الذاكره .
يا أبا هاشم … أصبحتُ منذُ فراقك كعصفورٍ مهيض الجناح ، أُطيل ألوقوف على ذكراك ، ويتجمع الدمعُ داخلي كغيمةٍ مثقله ، وكم يمر في بخاطري قول المتنبي :
قد كنتُ أُشفِقُ مِن دَمعي عَلى بَصَري
فَاليَومَ كُلُّ عَزيزٍ بَعدَكُم هانا
تُهدي البَوارِقُ أَخلافَ المِياهِ لَكُم
وَلِلمُحِبِّ مِنَ التَذكارِ نيرانا
لن أنسى ما حييت تلك المكالمة الهاتفية التي تلقّيتها قرابة الساعة العاشرة من صباح يوم الخميس الموافق 31/3/2016 من مساعد قائد سلاح الجو الملكي اللواء الطيار منهل باشا القضاة حفظه الله، ليخبرني انه يرغب بلقائي؛ وحيث أنني كنت خارج المكتب طلبت منه إن كان بالإمكان تأجيل اللقاء ساعة واحدة فألحّ عليّ بضرورة اللقاء لأن الوضع لا يحتمل التأخير، فسألته مُصرّاً ما الأمر؟ عندها اضطر أن يخبرني بأن الأمر يتعلق بمعاذ، وبدون تفكير وبعفوية أب صرخت.... رااااح ؟؟؟؟.... فقال... لا حول ولا قوة إلا بالله.
تمالكت دموعي وقلت لا حول ولا قوة الا بالله وإنا لله وإنا إليه راجعون
تزاحمت الأفكار في رأسي و كان كلّ همّي في تلك اللحظات البائسة من حياتي ... من سينقل الخبر إلى والدته ؟ وكيف ستتلقاه ؟
هاتفت ابنائي وأخبرتهم بالأمر وطلبت منهم أن يسبقونني إلى البيت، وعندما وصلتُ وجدتها كما عرفتها؛ مؤمنة، صابرة ومحتسبة عند الله و يلهج لسانها بكلمات الحمد لله ولا حول ولا قوة الا بالله، الأمر الذي أعانني على تحمّل صدمة الخبر المؤلم ….. ألهمكِ الله الصبر يا أم الشهيد البطل وجزاكِ بالإحسان إحساناً وحسبك من الشرف والمجد أن منحك معاذ وسام أم الشهيد.
ولدي معاذ :
نشتاقُ إليك يا شقيق الروح شوقاً ممزوجاً بالعزة والكرامة والافتخار لما منحتَنا إياهُ من شرف ....منحتنا أرفع الاوسمه فاي وسام أرفعُ من وسام ابو الشهيد وام الشهيد وزوجة الشهيد وابن الشهيد وبنت الشهيد وأخ الشهيد وأخت الشهيد ؟؟
شاءت الأقدار يابني أن يأتي استشهادك في شهر آذار ، هذا الشهر أذي اعاد به الجيش العربي الأردني ألباسل الكرامه للأمه العربيه بدحره جيش إسرائيل الغاشم في معركة الكرامة عام 1968 عن أرض الوطن الذي نذرتَ نفسك للدفاع عنه.
وتاتي هذه الذكرى هذه المره كذلك في شهر رمضان المبارك …….. رمضانك في الجنه ياولدي مع الأنبياء والصديقين والشهداء بإذن الله وحسُن اولئك رفيقا.
وإني على الحسرة لا أقول إلا ما يرضي الله: إنا لله وانا اليه راجعون، متأسيا بقول خير البشرية سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم: (إن العين لتدمع، وإن القلب ليحزن، وإنا على فراقك لمحزونون).
رحمك الله يا ولدي، وأسكنك الفردوس الاعلى من الجنة، وأسال الله أن يجبر كسرنا، ويجملنا بالصبر، وأن تكون شفيعا لنا يوم العرض واللقاء.
سلام على روحك الطاهره وسلام على رفيقك في رحلة الشهاده النقيب الطيار أشرف طيفور وسلام على أرواح زملاءك الذين سبقوك إلى شرف الشهاده وسلام على على ارواح من لحقك منهم ، وسلام على ارواح جميع شهداء الوطن.