2024-04-29 - الإثنين
صيدلة جامعة الزرقاء تكرم مجموعة من خريجيها العاملين...صور nayrouz الحاج الاستاذ قاسم الفراية "ابو معاذ" في ذمة الله nayrouz سرايا القدس: قصفنا سديروت ومستوطنات غلاف غزة برشقة صاروخية nayrouz البنتاغون: رصيف غزة العائم سيكلف 320 مليون دولار nayrouz السودان : الفريق أول ركن شمس الدين كباشي يصل الفاو...صور nayrouz مذكرة تفاهم بين وزارة البيئة وإقليم البترا nayrouz سهل دودين قنصلاً فخريًا لفرنسا في العقبة nayrouz الجغرافي الملكي والإقليمي لعلوم الفضاء يستقبلان مجتمع الفضاء والانظمة الالكترونيةIEEE-ASEE فرع كلية الهندسة التكنولوجية\جامعة البلقاء التطبيقية.. nayrouz يوم طبي مجاني في شباب سوف_صور nayrouz الأزهر يصدر فتوى بشأن "الإنترنت المظلم" nayrouz تكاليف زواج ابنة مستشار خامنئي تثير ضجة كبيرة في إيران nayrouz اكتشاف وظيفة غير متوقعة لـ"المخيخ" nayrouz مع انسحاب الأمريكان.. هل تطلب تشاد دعم روسيا لمكافحة الإرهاب؟ nayrouz زيلينسكي يطالب بتسريع إمدادات الأسلحة لإفشال الهجوم الروسي nayrouz وزراء التربية و التعليم و الاقتصاد والريادة و الشباب يتابعون سير العمل في مشروع نادي الترميز الرقمي في مديرية تربية معان nayrouz إصابة غانتس بكسر في قدمه nayrouz حمزة يوسف يعلن استقالته من رئاسة وزراء أسكتلندا nayrouz مذكرات اعتقال دولية بحق مسؤولين إسرائيليين.. ما تفاصيلها؟ nayrouz بعد تمهيد الكنيست لإغلاق مكاتبها.. نتنياهو: "الجزيرة إرهابية" nayrouz الخارجية الأميركية: بلينكن ورئيس الوزراء القطري يبحثان سبل وقف إطلاق النار بغزة nayrouz
فلاح حمدان الهرفي الغيالين الجبور "ابو حمزه " في ذمة الله nayrouz المقدم المتقاعد نايف عنبر دهش الجازي "ابو وائل " في ذمة الله nayrouz وفيات الاردن اليوم الإثنين 29-4-2024 nayrouz فهد علي القضاه" ابوعبدالله" في ذمة الله nayrouz الأمير مرعد بن رعد ينعى المصاب العسكري والمحارب القديم الحاج "محمد نور" عيسى صالح الدعجه (أبو بدر) nayrouz وفاة والد المعلمة اخلاص راشد فالح القبلان nayrouz المحامي فواز عبدالله هديرس الشوابكه في ذمة الله nayrouz الحاجة يسرى محمود قبلان الزيود في ذمة الله nayrouz الشاب يوسف حموده علي الجبور في ذمة الله nayrouz الأستاذ هيثم ابراهيم الوديان في ذمة الله nayrouz وفيات الاردن اليوم الأحد 28-4-2024 nayrouz الحاج حسين عناد العويدي العجارمة في ذمة الله nayrouz الحاجة نصره ابراهيم ابو شريعه العبادي (أم محمد) في ذمة الله nayrouz قبيلة بني صخر تودع أحد رجالاتها الشيخ فيصل ابو جنيب الفايز nayrouz جامعة الزرقاء تعنى المهندس جمال شقيق حسين سعد الدين شريم nayrouz الحاج عبدالله محمد أبو زعل الحجاحجة (ابو الرائد) في ذمة الله nayrouz الحاج خالد فهيم خالد الفاعوري (ابو الوليد) في ذمة الله nayrouz المهندس جمال سعدالدين شريم" في ذمة الله nayrouz وفيات الاردن اليوم السبت 27-4-2024 nayrouz الشيخ فيصل عيد ناعور ابو جنيب الفايز "ابو مشهور" في ذمة الله nayrouz

"حكاية ورطة الأوراق بألسنة الأعراق" في رواية "العبور على طائرة من ورق" للروائية زينب السعود

{clean_title}
نيروز الإخبارية :




عبد الغني صدوق / كاتب وناقد من الجزائر


إنّ مغامرة التلقي في مختلف دروب الأدب تشجّع عليها ذائقة منفطرة، تتجاوب مع النّص الذي تجد فيه شيئًا يشبهها ممّا انفطرت عليه، ومن هنا تُبرم العلاقة بين القارئ والمنتَج، علاقة يميّزها إنصات دقيق لإيقاع الكلمات داخل الجُمل أثناء القراءة تارة، وخارجها أثناء الرحلة إلى تفسير معنى داخل منجم الذاكرة تارة أخرى.
ونحن نحاول إقامة علاقة مع السردية الثانية للروائية الأردنية زينب السعود، الصادرة عن "الآن ناشرون وموزعون" العام 2024، نستشعر أنّ هناك تجديد في كيفية عرض المُنجز عن المرّة السابقة، برغم أنّ الأصوات والأمكنة توحي بوجود ثنائية أو ثلاثية في الغد القريب، لقد كفانا النّص بعض تعب الاستيعاب، فانا كقارئ أبحث عمّن يكلّمني من داخل النّص للوهلة الأولى، وأتساءل مَن الراوي؟ لأنّ التنطيط في العمل الروائي يُبعثر القارئ الذي يبحث عن متعة سريعة زائفة، لكنَّ احتراف الاشتغال النابع من تجربة، يُيسّر التلقي كنتيجة لحضور المشهد المصوَّر بدقّة، فليس سهلًا أن نستعمل ضميرين مختلفين في سطر واحد إذا أردنا الحفاظ على جودة الاسترسال، نقرأ في الصفحة السابعة- مثلًا- "أرادتْ أن تضع يدها على وجهي مرّة أخرى فأشحتُ عنها، ناظرة نحو الشرفة التي كان الهواء يعبث بستارتها. تساءلتْ عن الضمادة التي على رأسي، لم أجبْ..". و سرعان ما يُنزع اللُّبس عن العنوان- العبور على طائرة من ورق- كمكافأة لاسترضاء المتلقي على صبره، إذ يدرك أنّ من المؤثثات طائرة حقيقية أقلّتِ الأبطال من مطار إلى مطار، وهذا الانتقال بين الأفضية، تقنية مطمئنة بعدم الملل، إذ يُفتح النّص مُعلنًا عن رحابته، إلّا أنّ كلمة العبور تحمل توجسًّا وخوفًا، فلو قيل السفر على متن طائرة لكان مقبولًا، لكن مقتضى الحال استوجب توظيف الكلمة الأشمل معنى والأكثر دلالة. يحضر الكِتاب في المتن خلال الرحلة، كمادة علمية، أصبح توظيفها في الرواية الجديدة عنصرًا مهمّا، وكأن الكتابة الروائية يومئذ أدركتْ عزوف النقد عنها فمارستْه بالتلميح والتصريح، ها هو كتاب شعر بوشكين تُحرَق أوراقه للتدفئة من البرد في إحدى الرحلات، هل حقًّا رحلت القصيدة وحلّت الرواية؟ في نظري أنّ الأدب عمومًا يسند بعضه بعضا، فلولا قراءة الشِّعر ما ظهرت الشاعرية في الكتابة النثرية، ولولا المقالة ما استطاع المبدع أن يقرّ بعيوبه وهو يسرد الأحداث، ولولا المسرحية ما اعتنى بتصوير المشاهد بالكتابة، ولعلّ منّا مَن استحضر الروائي خالد حسيني وروايته (عداء الطائرة الورقية) لنتّفق إذًا أنّ الفنون متداخلة ومتلاقحة منذ القِدم ويبقى الكتاب هو الأب الشرعي لها جميعًا، ولأنّي أقتبس من الروايات ما يعجبني، اقتطفتُ الآتي "الكتب عالم الآمنين" وأنّ الخائفين من الموت لا يقرؤون".
لماذا يجلدنا الضمير حينما نجرؤ على اتخاذ قرار لم نكن فصلنا فيه بالمرّة؟ بلْ لعلّنا اتخذناه طاعة لهوانا، والهوى يباشر التأنيب بعد كلّ معركة نخسرها معه، ثمّة انسداد لشرايين السعادة المبهمة في دواخلنا، يبزغ السؤال كلّما أعدنا الكرّة: ما السعادة في كلّ هذه الرغبة المشتعلة؟ فإذا اعتدنا على رفض رأي مَن نُحب لعلّة الضّعف فيه، معتقدين أنّ تحقيق سعادتنا تلزمنا الإصرار على نجاحه في ما لم نشاوره إزاءه، فلنعتبر أنفسنا أهل شقاء مؤجل، هل أنتَ سعيد لما فعلتَه بابنتك؟ هل أدركتَ أنّ قرار إرسالها للدراسة في الخارج كان خاطئًا؟ ألا تشعر بالذنب؟ كلّها أسئلة طرحتها هتاف على أبيها الذي تمنى أن يراها دكتورة بارعة في الطّب بحكم تفوقها في المواد العلمية، لكنها كانت ترى عكس ذلك، هتاف مولعة بالأدب، لكنّها ستجتهد لتحصيل ورقة الدكتورة في بلد ستندلع فيه الحرب، إنّه ألم سيَطول خفيًّا ليشكّل بعد حين العقدة المحورية في الرواية. أي نعم، اندلعت الحرب في أوكرانيا، مجموعة من الطلبة يعودون في طائرة إجلاء إلى وطنهم الحبيب، موت آخر ليس بسبب القصف، بل بتعلق الآمال على الورقة التي لم ينلها أحد بعد مضي سنوات من الدراسة، هل يندرج أدب (السعود) ضمن الأدب الاستعجالي؟ أرى أنّ هذه الرواية نافذة على حقائق جوهرية لم ولن تتعرض لها الصحافة، والسبق إلى تسجيل الحدث عن طريق الكتابة جهد فكري ينم عن الاهتمام بالقضايا الخفيّة، لقد كانت الهجرة منذ قرون شفرة الانتصار على النّفس وما يطوّقها من آلام، وعلى قول أبراهيم الكوني: ضيّع نفسك تجدها، هل نراهن أنّ أحد الأبطال قد ضاع في الحرب وأتى بالأحداث يرويها متخيّلة من الحقيقة، أم أنّ الرواية متكئة على أعمدة فنّ التجريب المتجدد باستمرار؟ وإذا كانت الغربة هجرة فإنّ الهجرة ليست بالضرورة غربة، هنا بعض الإجابة عن سؤال السعادة المؤرق، إذ يفتح لنا النّص مناظير الرؤى، يدعونا إلى الجلوس بجانب الذات، وقراءتها بصوت العقل لا العاطفة، ذلك ما اشتغلت عليه رواية العبور على طائرة من ورق، فمن خلال الحوار في نسقية السؤال، تبرز للمتلقي حرية أكبر في إعادة الصياغة الفورية لكلّ فكرة تبدو خلاصًا لإحدى العُقد.."الغربة ليست فقط أن تهرب إلى إسطنبول أو تهيم في إسبانيا، أو تهاجر من بلدك، الغربة أن يكون لديك خبر محزن ولا تجد من يشاركك حزنك ويقاسمك همّك" ولسنا هنا شارحين أو ملخّصين، لكيلا نقتل حبّ الاطلاع لديك، إنّما حاولنا قطف شذرات ترغبّك- حفظك الله- في المتعة بأدب الساعة.
هل يجب علينا أن نتتبع مجرى حركة كل الأبطال في المقال لكي نُنير، ماذا سيبقى من فضول يُثير؟
إنّ ذروة نضوج أي نصّ حكائي تكمن في كسر الأفق، أو الاشتغال على عنصر المفاجأة الذي يزعزع هدوء المتلقي، ويجعله في تطلّع إلى نهاية مرضيّة، لكنّ الصدمة قبل العبور إلى منحدر الرواية، كساها ثوب الدهشة، حينما تخرج أمجاد خرجة من رأس حوار الحيرة قائلة:
"أريد أن أرتاح يا عمتي. أنا متعب ومقهور. المنديل الذي ألفُّه على رأسي ليس حجابًا، الحجاب ليس لي. أنا رجل، أنا ذكر...ثمّ بعد حين يلوح معنى آخر للورق: "جميع أوراقي الطبية التي تُثبِت حالتي بقيَتْ هناك". إلى هنا بدا النّص متماسكًا في تراكيبه اللغوية، صفاء العبارة من الوشوشة التي غالبًا ما تصد القارئ عن مواصلة رحلة التلقي، ومن البديهي أنْ يحاول الخروج من وحل القراءة الذي ارتمى فيه بحثًا عن معنى عظيم، وكأن النّص عالم بخلجات تنزّلت في بواطن جُلّاسه تسبّب فيها هو وعليه إراحتهم منها بصدمة مضادة، كيف تحكّم منتج المتن في أفيد أدواته السردية ليقدّم لنا فكرًا قد حجز مقاعده باكرًا للدراسة؟
ورغم ضخامة الطائرة المساهمة في تقريب المسافات وجعلها من مكونات العنوان، إلّا أنها هنا بطلًا ورقيًا لم يحقق السكينة، يتجلّى انعدام معنى الحياة في بعدها النفسي، إذ تتضمن الرواية أحداثًا موجعة تحمّلها الأبطال، وما أوجع السؤال:
"من أين يأتي من اضطرته ظروفه البائسة في بلاد الغربة للارتباط بزواج من أجل ورقة مكتوب في أعلاها (يُسمَح له بالعمل)؟". 
ومن سمو الإبداع أن يخاتلنا النّص كثيرًا حتى ندرك أنّنا تمكّنا من القبض على كلّ خيوط النّسج، ليباغتنا أن التفكير في اختيار الموضوع الطريف مستلهم من ملاحظة طفل كان منهمكًا بطائرته الورقية التي سرعان ما سيكف العدو وراءها عندما تنتهي المسابقة، تتوحد الرؤى برغم قِصر نظرة الطفل المنتهية إلى سعادة وبُعد نظرة الراوي المنتهية إلى شقاء، يتجسد إذًا معنى الفكرة لا تموت في العبارة: السعادة التي منحتْها طائرة الورق للفتى في الرواية بعيدة كلّ البعد عمّا أحسستُ به من مشاعر في طائرة الإجلاء.
وإذا غضّيتُ الطرف عن بقية الأبطال، فإن المتلقي يملك عينًا ثاقبة، تجعله يراهم من حيث لا يرونه من ثقب هذا المقال، وإذا غضّيتُ الطرف عن الأمكنة، فإن الأمكنة متحولة من أفضية للتعلم والسكينة إلى أفضية للمساومة والابتزاز.
يمكن القول أنّ الروائية زينب السعود، استطاعت تدريب الكاتب فيها على القفز من على حواجز عالية، فرضتْها إرهاصات الرواية العربية المعاصرة في مدّة وجيزة.