دعت نائبة مدير معهد "بروكنغز" الأمريكي، سوزان مالوني، الولايات المتحدة إلى الضغط من أجل وقف إطلاق النار في قطاع غزة، قائلة إن ذلك "يحرم" إيران من مواصلة مهاجمة إسرائيل، ويجنّب المنطقة التصعيد، حسب مجلة "فورين أفيرز".
وترى مالوني، وهي أيضا مديرة برنامج السياسة الخارجية للمعهد، أن منطقة الشرق الأوسط بدت وكأنها قد "أفلتت من رصاصة" في أعقاب الهجوم الإيراني على إسرائيل.
وأشارت إلى أن واشنطن تأمل الآن بالهدوء في الصراع الإيراني الإسرائيلي، بعد أن "أُجهدت" السياسة الداخلية الأمريكية بسبب الحرب الدائرة في غزة منذ السابع من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي.
وتعتقد مالوني أن حكمة بايدن لا يتمتع فيها نظراؤه في كل من إسرائيل وإيران، بعد أن دعا الإسرائيليين إلى التفكير مليًّا في أي عمل انتقامي قد يؤدي إلى حرب واسعة النطاق في المنطقة.
وأشارت الباحثة الأمريكية أن هذا الصراع قد يؤدي إلى عواقب مدمرة على العالم والمنطقة، ويفاقم العنف والنزوح في جميع أنحاء المنطقة، وينسف التقدم نحو التطبيع العربي الإسرائيلي، ويولد اضطرابات اقتصادية كبيرة ذات آثار بعيدة المدى.
وللحيلولة دون ذلك، ترى مالوني أن لا خيار أمام واشنطن إلا استخدام مواردها الدبلوماسية والعسكرية التي "لا مثيل لها"، لوقف الحرب في غزة، وتجنب التصعيد "الكارثي".
العمل في الظل
وتطرقت الباحثة إلى أن إيران تخوض مواجهات مسلحة مع إسرائيل منذ أكثر من 40 عاما، بشكل غير مباشر عن طريق الميليشيات، إلى أن أصبح العنف "ذا اتجاهين" بين الطرفين.
وتقول مالوني إن محللين ومسؤولين وعددا من المؤسسات الإخبارية الدولية يعتقدون أن إسرائيل مسؤولة عن اغتيال ستة علماء نوويين إيرانيين على الأقل، ويشمل ذلك مهندس البرنامج النووي الإيراني، الذي قُتل في عملية غير عادية عام 2020 باستخدام سلاح يتم التحكم فيه عن بعد.
وأضافت أن إسرائيل قامت بالعديد الأعمال التخريبية والهجمات الإلكترونية لإبطاء تقدم إيران في المجال النووي، غير أن إسرائيل لم تعترف بذلك، وكانت أكثر انفتاحا بشأن حملتها العسكرية طويلة الأمد لإضعاف وتعطيل القدرات الإيرانية في سوريا.
وشددت الباحثة أن العديد من المراقبين يرون أن الهجوم الإيراني على إسرائيل كان مجرد محطة في هذا النمط المستمر بين البلدين منذ فترة طويلة، وقد تكون ضربات رمزية ترسل "إشارة" ما.
عدوانية
وترى الباحثة أن إيران في "فشل دراماتيكي" بعد الهجوم، الذي لم يكن "فعالا" كرادع مقنع لإسرائيل، وما قد يقنع خصوم طهران بأن النظام هو مجرد "نمر من ورق".
وقالت مالوني: "أصبحت قرارات السياسة الخارجية في إيران على نحو متزايد في أيدي المحاربين القدامى المتمرسين في مغامرات إيران الإقليمية".
وأشارت إلى أنه نتيجة ذلك ظهرت "عدوانية جديدة"، بل وحتى متهورة، تركز على التقارب مع الصين وروسيا، ما أدى إلى إزاحة أي مصلحة في إعادة تأهيل علاقاتها مع الغرب.
ونتيجة لذلك؛ قد يميل النظام الإيراني إلى مهاجمة إسرائيل مرة أخرى في محاولة للتعويض عن النتيجة المحرجة لأدائه الأخير، على حد قول الباحثة.
لكن مالوني تعتقد أن إيران ليست وحدها التي تُدفع نحو التصعيد؛ حيث يؤدي هجومها إلى رفع مستوى الرهان أمام القيادة الإسرائيلية المستعدة بالفعل للرد مدفوعة بالعقيدة الأمنية الإسرائيلية.
معضلة أمريكية
وشددت الباحثة الأمريكية أن هذا الوضع غير مرحب به بالنسبة لإدارة بايدن على وجه الخصوص، وهو الذي حاول جاهدا منذ توليه منصبه تخليص الولايات المتحدة من صراعات الشرق الأوسط والتركيز على آسيا، ومساعدة أوكرانيا ضد روسيا.
وطالبت مالوني إدارة بايدن بالبدء في رفع مستوى تحذيراتها لطهران، وأن تعلن بشكل واضح بأن المحاولات المستقبلية لمهاجمة إسرائيل ستقابل بردود فعل انتقامية أمريكية.
وتابعت أن على بايدن أن يوضح بأن واشنطن سترد على الهجمات على شركائها، وستبني على النجاح في إحباط الضربات الإيرانية.