المدرسة هي المؤسسة الإجتماعية الثانية بعد الأسرة والتي تستقبل العديد من الطلبة الذين يأتون إليها مع الخبرات الأولية التي تم إكتسابها من الأسر فتتنوع هذه الخبرات تبعًا لتنوع الأسر من حيث الثقافة والمستوى الأكاديمي والعوامل الاجتماعية والاقتصادية والصحية وغيرها، فنجد أسر وظيفية وأخرى غير وظيفية ، قد تكون الأسرة موجودة كبناء أو نظام لكن شكل هذا البناء والنظام مختلف ومتنوع وهذا الاختلاف والتنوع يفرز تنوع في معتقدات وسلوكيات الطلبة وفلسفتهم في الحياة .
وعند الحديث عن نسبة غياب الطلبة عن المدرسة نجد أنفسنا أمام قضية تحتاج إلى وقفة علمية جادة تدرس هذه القضية من خلال العديد من العوامل المتعلقة بها سواء عوامل تتعلق بالطلبة أو بالأسر أو بالنظام التعليمي والبيئة المدرسية .
الشعور بالانتماء والقبول الاجتماعي هي حاجة نفسية مهمة تحقق الشعور النفسي بالتواجد في حالة من التواصل مع الآخرين ضمن مجموعة آمنة، إذ يحتاج الإنسان إلى العيش بشكل جماعي أو الانتماء إلى مجموعة تسمح بالتجذير وتولد الهوية والمرجعية الاجتماعية،وهذه الحاجة لا تقتصر على الطلبة بل يشعر جميع الناس بالحاجة إلى الانتماء، أي أن يكونوا جزءًا من شيء.
وهنا لا بد من تناول شعور الطالب بالأنتماء لمدرسته والذي يتميز بالحاجة إلى إقامة روابط تصبح مهمة وضرورية للتنمية الشاملة للطالب، كالعلاقات الحية منذ وقت قبول الطلبة في المدرسية والتي تطور الشعور بالانتماء وتعزز الالتزام المتبادل، تتصف هذه العلاقات بالتقبل والدفء، والاحترام المتبادل. وتحقيق الحاجات المادية والنفسية ، وإشباع الرغبات، كما يجب أن تكون المدرسة بيئة آمنة تضمن حماية الطلبة من كافة أشكال الإساءة . وتتوافق الخدمات والأنشطة التي تقدمها المدرسة مع ميول وإهتمامات الطلبة وتسهم في اكتشاف ذواتهم المهنية وتساهم في تنميتها.
كما ينبغي في ضوءً تنوع وتعدد المصادر المعرفية أن لا تتقوقع المدرسة على تقديم الخدمات المعرفية والأكاديمية بالطرق التقليدية غير آبهة بتلك الأنشطة التي تستكشف وتصقل وتبلور الجوانب الشخصية والنفسية للطلبة.
وخلاصة القول أن البيئة المدرسة الجاذبة بأنشطتها الماتعة والداعمة نفسيًا واجتماعيًا للطلبة هي الكفيلة بزيادة شعور الطلبة بالإنتماء للمدرسة وتقليل نسبة الغياب.
لا نريد طالب مُجبر على الحضور خوفًا من الرسوب بسبب تجاوز نسبة الغياب، بل نريد طالب ملتزم ذاتيًا بالحضور الذي يدعم ويحقق رفاهه النفسي .