وفقا للثقافة الشعبية، عندما يكون الشخص على وشك الموت فإنه يرى ضوءا ساطعا، وربما يسمع أصوات أحبائه تناديه من الجانب الآخر. ومع ذلك، في الحقيقة، لن نعرف أبدا ماذا يحدث حين يأتي موعد المغادرة.
لكن وبفضل بحث لطبيب، قام فيه بدراسة حالة 1000 شخص على فراش الموت، يعتقد أن لديه فكرة جيدة عما يراه الشخص قبل وفاته.
وبحسب موقع صحيفة "ميرور" البريطانية، أوضح الدكتور كريستوفر كير، طبيب الرعاية التلطيفية من بوفالو، نيويورك، أن هذه الرؤى غالباً ما تساعد المرضى على التصالح مع قرارات حياتهم، سواء من خلال الذكريات المؤثرة أو الظهورات الخيالية.
يقول الدكتور كير إنّ المرضى غالبًا ما تكون لديهم أحلامٌ ورؤى تجعلهم يشعرون بالحب، وإعادة الاتصال بماضيهم، والسلام. وعلق قائلاً: "من المثير للاهتمام أن تجارب الأطفال تختلف اختلافًا كبيرًا عن تجارب البالغين بسبب فهمهم المحدود للموت، وغالبًا ما يجدون الراحة في مخيلتهم".
وأشار الدكتور كير أيضًا إلى أنّ الأفراد ذوي الماضي المتنوع، بمن في ذلك أولئك الذين ربما ارتكبوا جرائم، غالبًا ما يكون لديهم رؤى تتعلق بالأشخاص الذين أثّروا عليهم.
ويروي، خلال حديث له في بودكاست، قصة رجل في الأربعينات من عمره قضى معظم حياته في السجن بسبب إدمان المخدرات وكان يعاني من سرطان الرقبة. أثناء الحلم، رأى الرجل رؤيا مؤلمة عن تعرّضه لهجوم من قبل أولئك الذين آذاهم في الماضي؛ ما أدى إلى إصابته بانهيار عاطفي.
لكن بعد هذه الرؤيا طلب الرجل رؤية ابنته والتعبير لها عن حبه والاعتذار. وبحسب الدكتور كير فإن الرجل توفي بسلام بعد هذه المصالحة.
ومن خلال بحثه، يعتقد الدكتور كير أن المرضى "لا ينكرون الأشياء السيئة والمؤلمة التي تحدث، ولكنهم يعالجونها ويستخدمونها بطريقة مثيرة للاهتمام للغاية".
وعرض كذلك قصة مريض آخر شارك في غزو نورماندي عندما كان مراهقًا، إذ كان يعيش مع اضطراب ما بعد الصدمة طوال حياته من دون طلب المساعدة.
وقال: "لقد جاء إلى وحدتنا في نهاية حياته.. كان يمر بتجارب مروعة؛ فقد يرى أجزاء من الجسم ومياها دامية ويصرخ ولا يستطيع الراحة". وأوضح الدكتور كير أن المرضى يحتاجون إلى الاسترخاء وقبول وضعهم إلى حد ما حتى يموتوا.
ويعتبر الدكتور كير أن المحتضرين لا يموتون قبل أن يتمكنوا من النوم، مبينا أن المريض الذي شارك في غزو نورماندي كان قد رأى حلما جميلا في أحد الأيام، على الأرجح في نورماندي، حيث اقترب منه جندي لا يعرفه، وقال: "لا، سوف نأتي لنأخذك".
بعد ذلك، نام الرجل بسلام وتوفي أثناء نومه. وأضاف الطبيب: "لذا فإن الموضوع العام هو أن المرضى يتصالحون مع القرارات التي اتخذوها في حياتهم".
في نهاية الحياة قد ترى ما أسماه الدكتور كير "نمو ما بعد الصدمة"؛ إذ تظهر العناصر الإيجابية للمصاعب السابقة إلى النور.
ومن المثير للاهتمام أن الأطفال لديهم تجربة مختلفة عن الموت مقارنة بالبالغين، كما يقول الدكتور كير، لافتا إلى أنّ "هذا شيء يؤمن به بسبب عدم قدرة الأطفال على الحصول على المفهوم الصحيح للنهاية أو الفناء، وغالبًا ما يرجع ذلك أيضًا إلى أنهم ربما لم يعرفوا شخصا مات كنقطة مرجعية، أو شخصًا يمكنهم تصور لقائه في شكل ما من أشكال الحياة الآخرة".