ترقد الرضيعة "صابرين الروح" شكري الشيخ في حضانة الخدج بالمستشفى الإماراتي الميداني في مدينة رفح جنوبي قطاع غزة، بعد أن وُلدت بعملية قصيرية من دون تخدير قبل دقائق من ارتقاء والدتها المصابة في قصف لطيران الاحتلال الإسرائيلي.
السبت الماضي، 20 نيسان، نقلت طواقم الإسعاف والإنقاذ المواطنة صابرين محمد السكني إلى مستشفى الكويت التخصصي بعد قصف إسرائيلي استهدف منزلا شرقي رفح، وكانت مصابة بجروح بالغة. كما نُقل زوجها شكري أحمد الشيخ وابنتهما ملاك شكري إلى المستشفى وقد استشهدا نتيجة إصابتيهما.
وأفادت مصادر طبية بأن 19 فلسطينيا استشهدوا في الغارة التي استهدفت المنزل.
ويقول مدير مستشفى الكويت التخصصي الدكتور الجرّاح صهيب الهمص لوكالة فرانس برس "وصلت صابرين محمد السكني إلى المستشفى من جراء القصف الذي استهدفهم. كانت حالتها ميؤوسا منها، فقد كانت مصابة في أماكن عدة، وكان الدماغ خارج الرأس بالكامل. كما كانت هناك إصابة في البطن أخرجت جزءا من الأمعاء إلى الخارج، وإصابة في الصدر".
ويصف الهمص ولادة ابنة صابرين السكني "بالمعجزة".
ويضيف: "عند إجراء الفحص للمصابة صابرين، رأينا أن بطنها ممتلئ، ولكن لا معلومات لدينا عن حمل. ثم شعرت بحركة وتبيّن لنا أنها حامل".
ويتابع "أخذنا قرارا بإجراء عملية قيصرية فورية ودون تخدير لاستخراج الجنين لعدم وجود طبيب تخدير في ذلك الوقت".
ويشير إلى أن صابرين السكني كانت في الدقائق العشر الأخيرة من حياتها "تتنفّس بصعوبة وتصارع الموت".
ويصف تلك اللحظات بـ"الصعبة": إنقاذ الطفلة بصعوبة بينما أمها ترتقي شهيدة بعد عشر دقائق.
وفي المستشفى الإماراتي، يقول المدير الطبي الدكتور حيدر أبو سنيمة "تمّ تحويل الطفلة إلى المستشفى الإماراتي لتلقّي العلاج، فقمنا سريعا بوضعها على الحاضنة وأمددناها بالأوكسجين والمحاليل والمضاد الحيوي منعا لحدوث أي التهاب".
ويشير الى أن "أمورها مستقرّة حتى هذه اللحظة. لكن عندما تموت المرأة أو تصاب بشكل خطير والجنين بداخلها، يتعب الجنين".
ويصف إنقاذ الطفلة بـ"الإنجاز الكبير".
وتحتاج الرضيعة لأسابيع عدّة للتعافي قبل الخروج من الحاضنة.
وانتشرت على نطاق واسع صور الولادة والجنين، الاثنين، وروى صحفيون قصتها.
وقال المفوّض الأعلى لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة فولكر تورك، الثلاثاء، في بيان "صور طفلة أخرجت من رحم أمها المحتضرة، وصور منزلين وخمس نساء قتيلات، تتجاوز الحرب".
وليست المرّة الأولى التي تحدث فيها مثل هذه الولادة. في 21 تشرين الأول، ولدت مكة أبو شمالة بعملية قيصرية قبيل استشهاد والدتها التي أصيبت بجروح خطيرة من جراء غارة شنها طيران الاحتلال الإسرائيلي على المبنى الذي كانت فيه في رفح.
ويذهب الفلسطيني رامي الشيخ، عمّ صابرين، يوميا إلى المستشفى لتفقّد ابنة شقيقه. ويقول إن "الطفلة تعاني من صعوبة في التنفس. نتمنّى أن يشفيها الله وتستقر حالتها".
ويتابع "استُهدف منزلنا الذي كان يؤوي نازحين وكلهم مدنيون وأطفال، بصاروخين".
ويضيف بحسرة "شقيقي كان عبارة عن أشلاء". ثم يقول بيأس "أناشد كل العالم أن ينقذنا من هذه الإبادة الجماعية".
ويروي أنه أطلق على ابنة أخيه اسم "صابرين الروح"، لأن والدها كان يريد أن يسميها "روح"، واختار لها اسما مركّبا، تكريما لوالدتها وعملا برغبة والدها.
وفي حصيلة غير نهائية، ارتفع عدد الشهداء في العدوان الإسرائيلي المتواصل على القطاع منذ السابع من تشرين الأول/أكتوبر الماضي، إلى 34183 غالبيتهم من الأطفال والنساء، كما ارتفع عدد الجرحى إلى 77143 جريحا، في حين لا يزال آلاف الضحايا تحت الأنقاض، وفي الطرقات، ولا تتمكن طواقم الإسعاف والإنقاذ من الوصول إليهم.