فالحكاية بدأت منذ ان تصاعدت المظاهرات والاحتجاجات بعد ان أقام مجموعة من طلاب جامعة كولومبيا الاميركية المرموقة بنيويورك ، مطالبين الجامعة بسحب استثماراتها من الشركات التي قالوا انها تربح من الفصل العنصري الاسرائيلي وفق تعبيرهم .
ويبدوا ان الضجيج قد كتب على مدينة نيويورك ، فما حدث بجامعة كولومبيا في اعتصام طلبتها وامتداد اثره الى الجامعات والمدن الاخرى الامريكية ، لم يكن حديثا ، بل كانت لذات الجامعه تأثيره في مظاهرات طلابها مع مجريات الحرب الامريكية على فيتنام وكانت هي اولى الجامعات اطلاقا لشرارة المظاهرات .
وتم توجيه اتهامات معاداة السامية وكراهية اليهود للطلاب المعتصمين الذين نفوا ذلك تماما وقالوا انهم لم يتعرضوا للطلاب اليهود في هذه الجامعات الامريكية.
ان النشاط الطلابي المؤيد لفلسطين وغزة في الجامعات الامريكية يتيح المجال للنقاش والتعلم وممارسة مزيدا من الضغوط من اجل احداث تغيير سياسي.
والسؤال الذي يطرح نفسه!؟ هل ستؤثر هذه المظاهرات على الانتخابات الامريكية القادمة مع اقتراب موعدها في نوفمبر/ تشرين الثاني القادم ، خاصة وان الحزب الديموقراطي الذي بدأ يفقد الكثير من قواعده الشعبية ، والعديد من الطلبة تصف موقف الادارة الديموقراطية الحالية المنحازة الى إسرائيل.
ان انتشار الحراك على مستوى "جامعات القمة " هو مؤشر خطير قد يخلق جيلًا جديدًا من المسوولية يعيد لربما رسم وجه السياسة الاميركية الحالية بأخرى جديدة في المستقبل.
ان هؤلاء الطلبة ايضا سيكونون مدعومين من جيل ناشيء على الانفتاح على وسائل الاعلام غير التقليدية وهو ما سيجعل مهمة إسرائيل صعبة للغاية لمواجهتها بروايتها دون اخذ رواية الفلسطنين بالاعتبار.
ان الكثير من الطلاب الناشطين هم ايضا من منظمات يهودية علمانية من اجل السلام . وأيضا الطلبة يجدون دعما من اساتذة الجامعات والمفكرين الذين يعدونهم المثل الاعلى في هذه المرحلة العمرية.
والسوال الثاني الذي يطرح نفسه ايضا ؟ هو كيف سيفكر الطلبة مستقبلا بالوضع السياسي الراهن الذي يجري بغزة وهم يرون اساتذتهم يضربون ويعتقلون بسبب تعبيرهم عن ارائهم.
ان هذا الحراك الطلابي الذي يدعو جامعاتهم بالتوقف عن دعم إسرائيل وسحب استثماراتها او الشركات التي تدعمها ، قد وصلت هذه الاحتجاجات الى جامعات رائدة مثل هارفارد وجورج واشنطن ونيويورك وبيل ومعهد ساتشوستس للتكنولوجيا ونورت كاروليناً وغيرها .
وقالت المتحدة باسم البيت الابيض بان الرئيس بايدن يؤمن بحرية التعبير والنقاش وعدم التمييز في حرم الجامعات واضافت "نحن نؤمن بقدرة الناس على التعبير عن أنفسهم بطريقة سليمة لكن عندما نتحدث عن خطاب كراهيه واعمال عنف علينا ان نسميها "
في المقابل شن السيناتور الامريكي ساندرز هجوما على نتنياهو مشددا على ضرورة عدم الخلط بين ادانة القتل في غزة ومعاداة السامية ، وان عدد القتلى الشهداء قد تجاوز الاربعة والثلاثين الفا في ستة اشهر ليس معاداه للسامية.
ويرى بعض المتابعين ان تدخل الشرطة يذكر بالمصادمات الطلابية التي شهدتها حقبة الستينات من القرن الماضي بسبب الحرب على فيتنام .
وان احتجاجات الطلاب لربما سيكون لها تاثيرها الواسع على المواقف الامريكية اتجاه إسرائيل في حربها على غزة .
وتعهد الطلبة بمواصلة الاحتجاج حتى توافق الجامعات على الكشف عن اي استثمارات مالية قد تدعم الحرب على غزة وسحبها ، والعفو عن الطلاب الذين خضعوا لعقوبات بعد المشاركة في الاحتجاجات.
ان سبب شعور إسرائيل بالخوف والقلق يعود الى ان هدا الحراك " غير مسبوق " من احتجاجات حرب فيتنام والاحتجاجات المناهضة للفصل العنصري في جنوب افريقيا.
ان انتشار التظاهرات في جامعات العالم قد تشير ان الجيل الجديد يرفض سيطرة الصهيونبة على دوائر صنع القرار وعلى الاقل ستخسر إسرائيل دعم واستثمار الجامعات .
لكل ما ذكر فلا تزال مئات الطلاب يتظاهرون اليوم بجامعة تورنتو الكنديه للمطالبة بوقف الحرب على غزة ولمناصرة الاعتصام الطلابي بحرم الجامعة وايضا اعتصام طلابي في جامعة أدنبرة بأسكتلندا يطالب بقطع صلات الجامعة بشركات السلاح التي تساند إسرائيل ولا تزال تواصل الاعتصامات الطلابية المفتوحة ضد الحرب على غزة في جامعة هارفارد ومعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا وطلبة جامعة جورج واشنطن يطالبون الجامعات الامريكية بانهاء التعامل مع الشركات المرتبطة باسرائيل .
ان اعادة التوازن في سياسة الولايات المتحدة بين المصالح العربية والاسرائيلية هو وحده القادر على تمهيد الطريق لانهاء الحرب في غزة وتخفيف معاناة الشعب الفلسطيني وحقه في الحياة باقامة دولة مستقلة كباقي شعوب العالم .