عيد الاستقلال للمملكة الأردنية الهاشمية والذي يحمل دلالات قوية، تجسد عمق عهود الولاء والوفاء، المتبادلة بين القيادة وأبناء المملكةُ الأردنية الهاشمية سنختار في هذه المناسبة الوطنية جانب الحديث عن جلالة الملك عبد الله الثاني بن الحسين والسياسية الخارجية للمملكة .
قامت دبلوماسية المملكة الأردنية الهاشمية على مجموعة من المنطلقات والثوابت التي تحدد سياسية المملكة الخارجية منذ عهد الملك الحسين بن طلال -طيب الله ثراه-، والتي سار على نهجها من بعده حضرة صاحب الجلالة الملك عبد الله الثاني بن الحسين المعظم ليتشبع بمبادئها وأفكارها والذي يجسد اليوم روح المملكة كيانًا ودولة، شعبًا وهدفًا.
فالعقيدة الإسلامية السمحة والتراث الحضاري والثقافي هما ركيزتان أساسيتان في التعامل الخارجي، والسلام والتنمية والاستقرار، هما أهداف تتميز بهما دبلوماسية الملك عبدالله الثاني وولي عهده في تحركاتهما الخارجية.
أما الثوابت والمبادئ فتتمثل في أن الملك عبد الله الثاني بن الحسين زعيم عالمي مُحب للعدل والسلام ويَسعى إلى أن يسود الأمن والأمان ربوع المعمورة، حيث يؤكد دائمًا على احترام سيادة الدول، كما يَسعى لترسيخ مبادئ حُسن الجوار والتضامن والأخوة والوقوف إلى جانب الحق والعدل والشرعية الدولية. فالسلام القائم على العدل في فكره يعتبر عاملًا تنمويًا مغيّرًا نحو بناء حضاري يقوم بوظيفته ضمن منظومة متباينة ومتعددة من العلاقات الدولية.
لذلك يعبر جلالة الملك بفكره من أجل السلام ويُخاطب الإنسانية من أجل سلام واقعي ملموس بقوله: "دعونا نجازف من أجل السلام فهو يستحق ذلك كما تستحقه شعوبنا دعونا نفتح بوابات لعصر لا يكون فيه السلام والرخاء مجرد أحلام"
إزاء هذه الثوابت والأهداف والمبادئ والتي أثبتت صحتها الخبرة التاريخية للمملكة الأردنية الهاشمية، وأكدها الواقع الحالي الأردني، ارتكز التوجه الأردني في واقعه إلى أهداف سياسية واقتصادية واجتماعية، حيث برز من خلالها التوجه الوطني الأردني ليجسد آمال المملكة وغايتها في العيش ضمن واقع يسوده الأمن والاستقرار.
وضمن هذا الواقع جاء التوجه الأردني تجاه الأمة العربية ليتميز بالواقعية والصدق والجرأة وبوحدة المصير العربي وتقوية الوشائج العربية والحق العربي. وهذا ما أكده جلالة الملك بقوله: "فإننا نؤكد حرصنا الكامل على أن تكون علاقاتنا الأخوية مع الأشقاء على رأس أولوياتنا وقائمة على الثقة والاحترام المتبادل، والسعي المشترك لتعزيز التضامن العربي".
لقد حبا الله المملكة الأردنية الهاشمية بشرف قيادة تمتلك الشرعية الدينية والتاريخية التي لا تعطي المملكة خصوصية فحسب بل تعطيها الاستقرار والاستمرارية، وعليه انطلقت المملكة بقيادة جلالة الملك عبد الله الثاني بن الحسين وولي عهده لترسيخ مختلف هيئات الدولة وأعمدتها على قواعد راسخة وثابتة، كذلك حققت السياسة الخارجية الأردنية إنجازات عظيمة، تدل على مكانة المملكة.
ووفق رؤية شاملة للعلاقات الدولية توسعت العلاقات الدبلوماسية للمملكة لخدمة المملكة والإنسانية، وأصبحت السياسة الخارجية للمملكة الأردنية الهاشمية، تهدف إلى تحقيق مصداقية التعاون والتعامل في علاقاتها مع الآخرين بناءً على الشرعية الدولية بشكل يُجسد التسامح والاعتدال والعقلانية، والتعامل مع المستجدات الدولية بوعي منفتح، والالتزام بكافة الحقوق والواجبات تجاه حقوق الشعوب العربية وخاصة الشعب الفلسطيني الجريح وحقوق المجتمعات الإنسانية كافة، لهذا أخذ جلالة الملك عبد الله الثاني بن الحسين، بمواصلة وتفعيل علاقات المملكة الدولية في "إطار التعاون والمصالح المشتركة والاحترام المتبادل وتوضيح دور الأردن وواقعه ومسؤولياته والمشاركة الفعالة في المؤسسات الإقليمية والدولية".
وأخيرًا عملت الدبلوماسية الأردنية على إعادة النظر في أسلوب وتوجهات العمل الدبلوماسي الوطني، مع الالتزام بالمبادئ الثابتة التي ترتكز عليها المملكة في علاقاتها الخارجية، والمتمثلة في الصراحة والتضامن والمصداقية والالتزام بالقانون الدولي، وقد جاء هذا التوجه استجابة للتطور والنضج الذي بلغه النموذج الأردني، لمواكبة التغيرات الإقليمية والدولية المتسارعة، والاستفادة مما تحمله من فرص، ورفع ما تنطوي عليه من تحديات، وهذا ما يؤكده جلالة الملك بقوله:" إننا بحاجة لتطوير مؤسساتنا الدبلوماسية بشكل يحدد أهدافها ومهامها ويضمن لها القيادات الكفؤة المنتمية والإدارة الفاعلة، هكذا سارت المملكة الأردنية الهاشمية وحملت أمانة الريادة الحضارية في (الأردن) البلد العريق الممتد في جذوره إلى عمق التاريخ، والمرتفع إلى أعالي القمم، يَشعر كُل فرد باعتزاز الانتماء إلى وطن يتشرف بمواقفه الوطنية، ويُدرك في الوقت ذاته أنه موقع رعاية واهتمام خاص به كإنسان له حقوقه، وكفرد في مؤسسة اجتماعية لها حقوقها وأدوارها.