إحدى معاركنا الأبرز، يخوضها أعداء الأردن على ساحة الإعلام، مستهدفين ضرب الوعي، والتلاعب فيه، والسيطرة عليه.
نبهنا العدوان الوحشي الإسرائيلي على أهلنا في قطاع غزة، إلى مدى تأثير الإعلام الصهيوني، وتغلغله، وهيمنته على الوعي والضمير العالميين، الذي تضافرت جهود كبيرة لفكفكة قبضته الخانقة، وأبرزها تضحيات الصحفيين الفلسطينيين في قطاع غزة والضفة الغربية المحتلة، التي كشفت للعالم حجم جرائم الإبادة الجماعية الإسرائيلية.
وأيضاً جهود الإعلام الرقمي الجماهيري الجديد، الذي اصبح سلطة خامسة مؤثرة ومقررة. وأيضاً جهود الملك والملكة وولي العهد والحكومة والإعلام الأردني، على المستويات كافة، السياسية والدبلوماسية والحقوقية.
ان الحد من سيطرة الإعلام الصهيوني والمتصهين، يستوجب اللجوء إلى الأساليب والمسارات المهنية المتحررة الجذابة، المحمولة على محفة الحريات وبيئة المكاشفة بالمعلوكات الصادقة.
ان الإنفاق المعادي والمضاد الصهيوني وغير الصهيوني، لكسب معركة الوعي الكبرى، يقتضي الإنفاق الكمي الكبير على الإعلام الوطني لتمكينه من كسب الثقة وتطوير أدواته ومحتواه، والانتشار والاستجابة السريعة والمواكبة المهنية.
ان الصراع على الوعي، والإعلام ساحته الفاصلة، يحتدم اليوم، صراعاً طاحناً ضارياً، يمتد تأثيره إلى الجبهة الداخلية، والوحدة الوطنية، واليقين الوطني، والثقة بالنفس، ويلامس صدفة المعنويات الصلبة.
تنبه الأمير عبد الله إلى أهمية الإعلام، عندما كانت المنطقة غارقة في الأمية والجهل والخرافة والفقر، فأنشأ صحيفة "الحق يعلو" في معان عام 1920.
وتنبه فلاديم ير لينين إلى دور الإعلام في الثورة، فأنشأ عام 1901 صحيفة "الإسكرا- الشرارة" معلناً: "من الشرارة يندلع اللهب".
وتنبهت النازية إلى خطورة الإعلام فوضع عبقري الإعلام غوبلز "نظرية التأطير" التي تحقق التوجيه والسيطرة.
فعلى سبيل المثال: ﻋﻨﺪﻣﺎ تسألك امك:
هل تريد فولا أو جبنة على الفطور؟ ﻓﺈﻧﻪ لا ﻳﺨﻄﺮ ﺑﺒﺎﻟﻚ ﺃﻥ ﺗﻄﻠﺐ فتة حمص وبيضاً أو عجة أو قلاية بندورة او مناقيش.
هذا هو التوجيه والسيطرة الذي يجعلك ﺗﺨﺘﺎﺭ ﻣﺎ يريد الموجه.
وحين ﺗﻘﻮﻝ الأم لطفلها: ﻫﻞ تحب الذهاب إلى النوم ﺍﻟﺴﺎﻋﺔ ﺍﻟﺜﺎﻣﻨﺔ ﺃﻡ ﺍﻟﺘﺎﺳﻌﺔ؟ ﺳﻮﻑ ﻳﺨﺘﺎﺭ ﺍﻟﻄﻔﻞ ﺍﻟﺴﺎﻋﺔ ﺍﻟﺘﺎﺳﻌﺔ. ﻭﻫﻮ ﻣﺎ ﺗﺮﻳﺪﻩ ﺍﻷﻡ، ﺩﻭﻥ ﺃﻥتشعره ﺃﻧﻪ ﻣﺠﺒﺮ على ﺫﻟﻚ.