2024-11-26 - الثلاثاء
وزير الشباب يؤكد أهمية الحركة الكشفية في تمكن وتزويد قدرات الشباب القيادية nayrouz ضبط مصانع نكهات "الجوس" مزورة تستخدم مواد سامة nayrouz "الحوري " يهنئ الفريق غازي الطيب بتعيين نجله "غيث " مديرا عاما لدائرة الاحوال المدنية والجوازات nayrouz الملك يؤكد استمرار الأردن بتقديم المساعدات الإنسانية للأهل في غزة nayrouz "صناعة الأردن": لا وجود لمصانع محلية مرخصة لإنتاج سائل السجائر الإلكترونية nayrouz اهم قرارات مجلس الوزراء nayrouz عاجل ..غيث الطيب مديرا عاما للأحوال المدنية والجوازات nayrouz الهيئة الخيرية الهاشمية: تسيير قافلة مساعدات جديدة لغزة الأربعاء nayrouz "مستثمري المناطق الحرة": 1400 سيارة كهربائية جاهزة للتخليص في حرة الزرقاء nayrouz معرض وملتقى الفنون والإعاقة للمجلس الثقافي البريطاني nayrouz وفدان من تونس وعُمان يطلعان على تقنيات إدارة المياه في الأردن nayrouz منتدى الاستراتيجيات: نتائج "الباروميتر العربي" تظهر ارتفاع ثقة الأردنيين بمؤسساتهم nayrouz التعليم العالي تعقد ورشة توعوية حول الذكاء الاصطناعي nayrouz محافظ الزرقاء يطلع على تحديات المستثمرين في المنطقة الحرة nayrouz ضريبة الدخل والمبيعات: ضرورة تأكد مدققي الحسابات من انضمام عملائهم لنظام الفوترة nayrouz الفراية يستقبل في مقر الوزارة السفير التركي لدى المملكة اردام اوزان nayrouz الشهيد كريم الكعابنة: أيقونة الشرف والتضحية nayrouz منح دراسية للبكالوريوس والماجستير والدكتوراه ودراسات ما بعد الدكتوراه مقدمة من النمسا nayrouz الشرفات يفتتح برنامج نظام الاشراف الرقمي في البادية الشمالية الغربية nayrouz توجيه تهمة القتل العمد لقاتل ابنة شقيقه في محافظة البلقاء nayrouz
الحماد يعزي القضاه بوفاة الحاج الأستاذ أحمد الخطيب nayrouz شقيق وزير الزراعة في ذمة الله nayrouz وفاة الشاب نعيم موسى شحاده الحنيفات " ابو عمر " nayrouz وفيات الأردن اليوم الثلاثاء 26-11-2024 nayrouz "الحوري " يعزي أمير الكويت بوفاة الشيخ محمد عبدالعزيز حمود الجراح الصباح nayrouz الحاج حماد حمد المناجعه " أبو محمد " في ذمة الله nayrouz الأستاذ أحمد علي الخطيب القضاة " أبو سفيان" في ذمة الله nayrouz وفاة العميد الركن م محمد صياح الحرفوشي nayrouz وفيات الأردن اليوم الإثنين 25-11-2024 nayrouz وفاة الشاب معزوز قاسم العزام nayrouz الأمن العام ينعى وفاة الملازم أول ليث هاشم الكساسبة nayrouz وفاة الحاج عيسى شقيق اللواء الركن ماجد خليفة المقابلة nayrouz وفاة شقيقة المعلمة " سارة أبو سرحان " nayrouz وفيات الأردن اليوم الأحد 24-11-2024 nayrouz المقدم سفاح طرقي السرحان في ذمة الله nayrouz وفاة فوزية غانم الحريثي الطائي (أم منصور) زوجة الحاج عازم منصور الزبن nayrouz والدة النائب السابق نواف حسين النعيمات في ذمة الله nayrouz لواء الموقر يودّع الشاب بدر عليان الجبور بحزنٍ عميق وشديد ..." صور فيديو " nayrouz وفاة الحاجة رسميه محمود ابو حسان ارملة المرحوم الحاج عودة البدور nayrouz وفاة العقيد زياد رزق مصطفى خريسات nayrouz

تحقيق: الاحتلال يتعمد إخفاء حصيلة خسائره بغزة

{clean_title}
نيروز الإخبارية :
خلص تحقيق صحفي أعده المركز الفلسطيني للإعلام إلى أن جيش الاحتلال الإسرائيلي يتعمد إخفاء حصيلة خسائره خلال المعارك في قطاع غزة، وأن المُعلن عنه لقتلى جنود الاحتلال في الحرب على غزة يشير بشكل واضح إلى وجود هندسة إحصائية.

واستند التحقيق على تحليل معلوماتي لقاعدة بيانات الجيش الإسرائيلي في الحرب الحالية، كما تعرض لأبرز السبل القانونية التي انتهجها جيش العدو الصهيوني لإخفاء خسائره والتستر عليها.



وفيما يلي نص الدراسة الذي أعدها الباحث محمد عابد تحقيق في هندسة الرواية
قتلى الجيش الإسرائيلي في غـزّة ومنهجية "السماح بالنشر”

محمد عابد | صحفي وباحث
ملخص تنفيذي
يسعى هذا البحث إلى إثبات فرضية تستر إسرائيل على العدد الحقيقي لقتلى جيشها في حرب غزة، وما إذا كانت لدى إسرائيل بالفعل قوانين تتيح وتشرّع لها تلك الممارسة، وأخيراً محاولة تقدير العدد الفعلي لقتلى جيش الاحتلال خلال مراحل الاشتباك المباشر والمحتدم، وذلك عبر تحليل محتوى بيانات الجيش في الأيام المئة الأولى للقتال الميداني المباشر في غزة.


إن إثبات فرضية وجود ما هو مخفي يستدعي أولاً وقبل أي شيء آخر النظر فيما هو معلن ومكشوف، إذ إن أي عملية ممنهجة ومنضبطة لإخفاء الحقيقة قد يستحيل إثبات وجودها ما لم تترك آثاراً فيما هو مُعلن.

وبما أننا نفترض وجود عملية تستر ممنهجة، فإن ذلك يُرجح أن يعني في المقابل وجود آلية ممنهجة لفرز ما يُتاح نشره.

تلك المنهجية في عملية الكشف من شأنها أن تُخرج النتائج من دائرة النمط الطبيعي لتسجيل سقوط عدد محدود من القتلى في مواجهة عسكرية.


في حال ثبوت وجود ذلك النمط الإحصائي المنتظم لعملية فيما هو معلن من بيانات الجيش الإسرائيلي؛ فإن ذلك يشكل مؤشراً بالغ الأهمية على وجود ما هو أعظم.

ننتقل بعد ذلك إلى الفرضية التالية (التي تخدم الفرضية الأولى وتعزز في إثباتها كذلك) وهي وجود قوانين تتيح وتشرّع للاحتلال القيام بتلك الممارسة، وتوفر في الوقت ذاته آلية لتنفيذها، خاصة وأنه من الطبيعي أن يكون لشريحة كبيرة من القتلى "المُتستر عليهم” أهل أو أقارب، قد يتساءلون ببساطة عن مصيرهم، ما يؤدي، مع اتساع دائرة هذه الممارسة، إلى خلق ضجة كبيرة، يصعب بل وربما يستحيل كبتها في عالم اليوم.

تبرز في هذا السياق فرضية "شراء صمت” ذوي القتلى، وهي فرضية متداولة إعلامياً على نطاق واسع، ولكنها تفتقر إلى الإثبات، رغم إمكانية ذلك من خلال البحث، خاصة وأن الأمر يستدعي وجود جهة ما تشرف على هذه العملية، أو تشريع ينظمها، بالإضافة إلى ميزانية يُفترض أن تكون كبيرة.

أخيراً، ننتقل إلى اقتراح منهجية لتقدير عدد قتلى الجيش الإسرائيلي في غزة، ونلجأ لفعل ذلك أولاً إلى تحليل المتاح من البيانات الرسمية التي قد تشكل معطيات معتبرة يمكن الاستناد إليها في تصميم معادلات حسابية، وذلك لإبقاء تلك المعادلات مرتبطة بالواقع الرسمي قدر الإمكان.

وبالفعل فقد تم رصد العديد من الثغرات في جدار التكتم الإسرائيلي، أبرزها أعداد الجرحى الذين تم الإعلان عنهم من قبل وزارة الصحة في الأسابيع الأولى للحرب، والتي عكست وتيرة يومية تفوق بكثير ما تم الإعلان عنه في الأسابيع اللاحقة بفعل تشديد الرقابة العسكرية قبضتها على المعلومات الرسمية.

كما أن الإعلان في 7 ديسمبر/ كانون الأول الماضي عن أعداد من أُصيبوا بالعمى من جرحى جيش الاحتلال في غزة يشكل ثغرة أخرى مهمة، بالنظر إلى أن تلك المعلومة تتيح لنا تقدير أعداد الجرحى والمصابين من خلال مقارنتها بمعدل تقليدي لاحتمالية تسجيل حالة عمى في الإصابات الحربية.

في حال وجود تناسب منطقي بين نتائج الطريقتين لاستخلاص وتيرة يومية للإصابات العسكرية الإسرائيلية في غزة، يُمكننا بعدها وضع هذه الوتيرة في معادلة لتقدير احتمالية مقتل المصاب في ساحة المعركة، أو نسبة القتلى إلى الجرحى والمصابين تقليدياً.

ستكون النتيجة بحاجة إلى آلية تحقق أخرى بهدف التشدد في الواقعية، وهو ما يستدعي البحث في البيانات الغربية المعتد بها على نطاق واسع بشأن خسائر الجيش الإسرائيلي.
  أولاً: ثغرة المثالية الإحصائية:

هذا الجزء من البحث قائم على تحليل معلوماتي لقاعدة بيانات قتلى الجيش الإسرائيلي في حرب غزة 2023-24، تم إعدادها لهذا الغرض، بناء على معلومات "وزارة الدفاع الإسرائيلية”.

العيّنة التي تمت دراستها تضم 231 جندي، قتلوا خلال الأيام المئة الأولى من القتال (مع اسثناء أيام هدنة نوفمبر/ تشرين الثاني)، وسقط أوّلهم في 22 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، وصولاً إلى آخر جندي تم الإعلان عن مقتله في تلك الفترة، وكان ذلك في تاريخ 31 يناير/ كانون الثاني 2024.

تشمل المعلومات التي تمت دراستها الرُّتب العسكرية والمسؤوليات والأعمار وما إذا كان الجندي من قوات الاحتياط، بالإضافة إلى المكان الذي ينحدر منه، الكتيبة، واللواء، وأخيراً مكان وتاريخ مقتله، بالإضافة إلى ملاحظات ثانوية تتعلق أحياناً بالجنود المنحدرين من الأقليّات (البدو والدروز والفلاشا..)، أو ظروف مقتل الجندي.

نحاول من خلال تحليل تلك المعلومات ملاحظة ما إذا كانت هنالك آلية ممنهجة تعكس وجود ما هو "مخفي” من خلال هندسة ما لفرز ما يُتاح نشره، تُخرج النتائج من دائرة النمط الطبيعي لتسجيل سقوط عدد محدود من القتلى في مواجهة عسكرية.

إحصائياً، فإن أي عينة تميل إلى العشوائية كلّما صغرت، وتصبح أكثر قدرة على التمثيل العادل والمثالي كلّما كبرت، وهو ما يدفع إلى التشكيك بأي عينة صغيرة يُزعم بأنها عشوائية، ويتضح بأنها تميل إلى المثالية في العديد من جوانبها.

وفي حالة العينة التي بين أيدينا، أي ما تم الإعلان عنه إسرائيلياً من قتلى في صفوف الجيش أثناء الغزو البريّ، فإن العدد صغير جداً بحيث لا يُفترض به أن يرقى إلى مستوى التمثيل المنطقي بأي حال من الأحوال وفي أيّ من جوانبه.

لكن الأمر ليس كذلك، ما يشير إلى استخدام حوسبة تقوم بفرز من يفضل نشر أسمائهم، وِفقاً لمدخلات معيّنة، يتم تحديدها بناء على اعتبارات الجيش وحكومته، وذلك بعد تحديد ما لا يمكن التستر عليه، ومن ثمّ إنشاء معادلة تحدّ وتحدد دائرة الإعلان.

لا بد في مثل هذه الحالة تحديد الثابت الذي يجب كشفه، بحيث يكون طرفاً حسابياً في المعادلة، وهو ما يُنتج النسق الإحصائي الذي يبقى في دائرة المثالية المفرطة (كما سيأتي في مثال السماح بنشر أسماء 9 قتلى أمام كل ضابط من الرّتب العليا، أو تثبيت تمثيل قتلى القدس والشمال بما يتناسب وتمثيلهم السكاني).

بعد الحصول النتائج، قد يحدث إجراء تعديلات محدودة، من قبيل منح الجندي رتبة أعلى بعد وفاته تكريماً له وما شابه، بما يؤثر على النتائج، ولكن بشكل محدود جداً لا يؤثر على المثالية المفرطة غير المنطقية، بل والمستحيلة إحصائياً.

أبرز النتائج
من بين الكثير من الملاحظات أثناء العمل على تحليل العينة المُستهدفة (231 قتيلاً في الأيام المئة الأولى للغزو البري)، تبرز نقطة محورية تتمثل في وجود نسق مثالي أو شبه مثالي في توزيع القتلى المُعلن عنهم، وذلك على مستوى الرُّتب العسكرية والانتماء الجغرافي بشكل أساسي.

فيما يتعلّق بالرتب العسكريّة، فقد بات معروفاً على نطاق واسع بأن نسبة كبيرة من القتلى المُعلن عنهم هم من الرتب العسكرية العليا، وهو ما يثير شكوكاً واسعة بالرواية الإسرائيلية.

لكن الأمر لا يتوقف عند ذلك الحد، فمن خلال تتبع الإعلانات الإسرائيلية يتضح وجود نسق أقرب إلى المثالية الإحصائية، بما يشير إلى وجود هندسة للإعلان عن القتلى وفقاً لمعادلة ثابتة: ضابط برتبة عليا من كل عشرة قتلى.

في حقيقة الأمر، فإن شبهة المثالية تنسحب على توزيع القتلى على المستويات الأربع الرئيسية للرتب العسكرية، جميعها، على النحو التالي:
رتب الضباط الـعليا: 1/10 (عقيد، مقدّم، رائد)
رتب الضباط الدنيا: 1.5/10 (نقيب، ملازم أول، ملازم)
ضـــــباط الصـــــف: 4.5/10
الـــمُجنّـــــــــــدون: 3/10

المثالية الإحصائية موجودة كذلك في الانتماء الجغرافي للجنود المُعلن عنهم، ويبرز ذلك في التطابق بين القتلى المُنحدرين من القدس ونسبة تعداد سكانها في إسرائيل، والأمر ذاته كذلك في منطقة الشمال، علماً بأن "الشمال” هي المنطقة الوحيدة ذات الغالبية العربية في دولة الاحتلال، وهو معطى إمّا لم يتم أخذه بالاعتبار لدى تحديد مُدخلات التصميم الإحصائي المُسبق للجنود الذين ينوي الاحتلال الاعتراف بقتلهم، أو يعكس وجود حرص على إقحام يهود الشمال في معركة الجنوب، أو الاثنين معاً.

سكان القدس الكبرى: 12.6٪ من سكان إسرائيل قــتلى القدس الكبرى: 12.12٪ من قتلى الجيش

سكان الشمال: 16.2٪ من سكان إسرائيل قــتلى الشمال: 16.8٪ من قتلى الجيش (بينهم 5 دروز)

في المقابل، فإن تمثيل القادمين من مستوطنات الضفة الغربية يبلغ 17.3٪، وهي نسبة تفوق بكثير حجم تمثيل سكان تلك المستوطنات في التعداد السكاني لإسرائيل، والبالغ 4.8٪، وذلك على حساب سكان وسط إسرائيل، الذي يضم كبرى الحواضر العلمانية الرئيسية، غير المستعدة لتقبل سقوط أعداد كبيرة من الضحايا.

وبشكل عام، فإن واحدًا من كل ثلاثة قتلى يتم الإعلان عنهم هو منحدر من مستوطنة أو كيبوتز أو موشاف، وهي نسبة تفوق بكثير التمثيل الفعلي لهؤلاء سكّانيّاً، ويعكس، من بين عدة أمور، ميول سكان المستوطنات والتجمعات الاستيطانية إلى الالتحاق بالجيش وامتلاكهم نزعة أكثر قومية وافتخاراً بـ”التضحيات”، ولكن أيضاً صعوبة إخفاء القتلى المُنتمين لتجمعات سكانيّة صغيرة، بل وربما اهتماماً بإبراز دور مستوطني الضفة تحديداً.

يقودنا ذلك إلى الحديث عن ثغرة أخرى تتسبب بها تلك الهندسة الإحصائية، إذ ينتج عن ذلك توزيع غير منطقي للقتلى مقارنة بعدد السكان بين منطقة وأخرى، وهو ما يبرز بشكل واضح عندما يتعلق الأمر بمستوطنات الضفة الغربية وبعض البلدات في الداخل، على حساب المدن الكبيرة.

وتالياً بعض الأمثلة من الضفة الغربية:
أعلن الجيش عن قتيلين من مستوطنة "سوسيا” بالضفة الغربية وعدد سكانها 1300 نسمة، أي بمعدل 1/650. قتيلان من مستوطنة "إليعازر” وعدد سكانها 2500 نسمة، بمعدل 1/1250. قتيلان من مستوطنة "ألون شفوت” وعدد سكانها 3000 نسمة، بمعدل 1/1500. قتيلان من مستوطنة "عيلي” وعدد سكانها 4600 نسمة، بمعدل 1/2300. أربعة قتلى من مستوطنة "كرني شمرون” وسكانها 9600 نسمة، بمعدل 1/2400. في المقابل، يغيب تماماً، وبشكل مريب جداً، أي تمثيل للمستوطنات الكبرى التي منحها الاحتلال وضع "مدينة”، بما في ذلك "موديعين عيليت” (80 ألف نسمة)، "بيتار عيليت” (65 ألف نسمة)، "أريئيل” (20 ألف نسمة)، فيما تم تسجيل قتيل واحد من "معالي أدوميم” (نحو 40 ألف نسمة).

من الداخل تبرز أمثلة مشابهة:
ثلاثة قتلى من بلدة "شوهام” بمعدل 1 من كل 7000 ساكن. ثلاثة قتلى من بلدة "خريش” بمعدل 1 من كل 10 آلاف نسمة. ثلاثة قتلى من "ديمونة” بمعدل 1 من كل 10 آلاف نسمة. في المقابل، فإن مدناً كبرى لم يتم تسجيل سقوط عدد يستحق الذكر من أبنائها، بل ربما تغيب بشكل كامل، مثل مدينة "بني براك”، البالغ عدد سكانها نحو 155 ألف نسمة.

وإن أمكن القول إن "بني براك” هي معقل لليهود الحريديم، الذين يتجنبون عادة الالتحاق بالجيش، فإن أسدود، على سبيل المثال، وهي رابع أكبر مدينة في الداخل، بعدد سكان يقترب من رُبع مليون نسمة؛ لم يتم الاعتراف سوى بقتيل واحد ينتمي إليها.

"ريشون ليتسيون”، خامس أكبر مدينة، تم الإعلان عن قتيلين منها، بمعدل 1/125 ألف نسمة، فيما لم يتم الاعتراف سوى بقتيل واحد من "بات يام”، البالغ عدد سكانها نحو 130 ألف نسمة، واثنان فقط من نتانيا، أي بمعدل 1/85 ألف نسمة، وكذلك الأمر في حولون. وحتى من تل أبيب، لم يتم الاعتراف سوى بسبعة قتلى فقط، أي بمعدل يقل عن 1/60 ألف نسمة.

النسق المتكرر لهذه الأمثلة يُظهر بأنه ليس محض صدفة، سواء عندما يتعلق الأمر بالمناطق التي ترتفع فيها نسب القتلى أو تلك التي تنخفض فيها النسب.

بكلمات أخرى، فإن عملية الهندسة المناطقية التي تأخذ بالاعتبار توزيع القتلى على مساحة إسرائيل والأراضي المحتلة كاملة، في إطار عقيدة "وعاء الصهر” الصهيونية التقليدية للهندسة المجتمعية، مع إظهار مشاركة أوسع للقادمين من المستوطنات الصغيرة في الضفة الغربية والشمال، وبدرجة ثانية القدس، مع تجنب المدن الكبرى العلمانية التي لا تتحمل الخسائر؛ يؤدي في النهاية إلى خلل في التناسب المنطقي مع عدد السكان، وهو أمر يمكن أن يُعد صدفة ما لم يتكرر بهذا الشكل.

كما أن القتلى القادمين من مستوطنات أو بلدات صغيرة لم يكونوا من أجيال متقاربة أو يعملون في الوحدات ذاتها، ولم يُقتلوا في المعارك ذاتها. بمعنى عدم وجود احتمال لذهاب شبان من البلدات ذاتها في الوقت ذاته ليلتحقوا بالوحدة ذاتها، ومن ثم السقوط معاً في حادث هنا أو هناك.

في المحصلة، فإن هذه المعطيات المتمثلة بوجود نسق مثالي لتوزيع القتلى على الرُّتب العسكرية وعلى التوزيع الجغرافي الكبير، مقابل ثغرة الخلل في الانتماء للمدن والبلدات والمستوطنات، يثبت إلى حد كبير شبهة وجود هندسة مسبقة لفرز من يتم الإعلان عن مقتلهم، وهو ما يقودنا إلى المحطة التالية: أين هم القتلى الآخرون؟

  ثانياً: السبل القانونية لإخــفاء الــقتلى

إن إثبات شبهة وجود تلاعب وهندسة إحصائية في عملية الإعلان عن قتلى الجيش الإسرائيلي في غزة لا يمكن الاعتداد به بشكل كامل ما لم يتم إثبات وجود نهج رسمي لدى الاحتلال يتيح ذلك، بالنظر إلى صعوبة تنظيم تلك العملية وضبطها ما لم تكن منظمة بآلية رسمية.

وبما أنه من غير المنطقي إثبات نظرية بنظرية أخرى، فإننا هنا نضع جانباً الفرضية "المُريحة” التي تروج في وسائل الإعلام، بالحديث عن اعتماد إسرائيل على المرتزقة بشكل مكثف.

كما أن إثبات وجود هندسة إحصائية لما يتم الإعلان عنه، يُثبت وجود أعداد كبيرة من القتلى الإسرائيليين النظاميين، الذين تم إخراجهم من دائرة الإعلان بفعل تطبيق تلك المعادلات الإحصائية، ما يبقي القتلى المرتزقة في عداد الخسائر الإضافية الجانبية.

ولكن، ما دام الجيش يتستر على جزء من قتلاه من ذوي الرّتب العسكرية الدنيا، وعلى قتلى ينحدرون من مناطق بعينها، فكيف يفعل ذلك؟

أبرز النتائج
راج مؤخراً الحديث عن وجود تعويضات إضافية لأسر وذوي القتلى الإسرائيليين، الذين يقرر الاحتلال التستر على مقتلهم، وبقيت هذه النقطة مثار جدل بالنظر إلى صعوبة إثباتها من خلال تتبع الإعلام الإسرائيلي الخاضع للرقابة العسكرية الصارمة، وهو ما يقودنا إلى النظر في قانون عوائل قتلى الجيش الإسرائيلي في المهام العسكرية.

يفصل القانون بأدق التفاصيل مواضيع المساعدات والمنح والتعويضات، ويشمل جميع الحالات.

وهو بالرغم من دقته في أغلب جوانبه، إلا أنه مليء كذلك بالنقاط الفضفاضة التي يمكن أن تشكل منافذ للجهات العسكرية والأمنية والرقابية للتستر على مقتل جنود أو اعتبارهم مفقودين أو منح مبالغ إضافية لقاء "شروط خاصة” يحددها وزير الدفاع شخصياً.
أهم تلك النقاط ما ورد في نهاية الصفحة 12 قسم "لجنة الاستثناءات والمزايا”:

أ. يحق لوزير الدفاع (الجيش) تشكيل لجنة مخوّلة، في حالات استثنائية ولأسباب خاصة يتم إثباتها، بالموافقة على زيادة المبلغ المالي الثابت لمصلحة معينة، بموجب هذا الفصل (وهذا القسم – لجنة الاستثناءات للمزايا)، بشرط أن يكون المتقدم قد استوفى كافة الشروط للحصول على تلك المنفعة.

ب. بالإضافة إلى أحكام القسم الفرعي "أ”، يجوز للجنة الاستثناءات للمزايا الموافقة، في حالات استثنائية ونادرة لا يمكن التنبؤ بها، على تمويل الخدمات وسداد النفقات غير المنظمة في هذا الفصل، الناشئة عن والمتعلقة بـ الفجيعة، والمخصصة لرفاهية مقدم الطلب، بمبلغ لا يتجاوز 56,902 شيكل (نحو 15 ألفاً و250 دولار).

ج. يحدد وزير الدفاع (الجيش في اللوائح تشكيل لجنة الاستثناءات للمزايا وطرق عملها والحد الأقصى لنسب الاستثناءات التي يمكن للجنة الموافقة عليها ومعايير الموافقة على المزايا من قبلها.

وهنا ينتهي الفصل، بدون تفاصيل إضافية. بمعنى أن المخول بتحديد شروط استحقاق المنحة الإضافية، وبتشكيل اللجنة القائمة على منحها، هو وزير الدفاع شخصياً، وذلك لأسباب يمكن أن تبقى سراً لديه، ولدى اللجنة المخوّلة من قبله بتنفيذ ذلك.

كما يحق للجنة المشكلة من قبل وزير الدفاع استرداد تلك المبالغ الاستثنائية (فضلاً عن غيرها من المبالغ) أو أجزاء منها، دفعة واحدة أو على دفعات، في حال الإخلال بالشروط (وفق الفصل التالي – الرابع – المتعلق بـ”التحفظات على حق المكافأة”). بمعنى أن هذا القانون يمنح وزارة الدفاع "جزرة” و”عصا” أيضاً في التعامل مع الأشخاص الذين يتم منحهم تعويضات إضافية مقابل شروط معينة.

نقطة أخرى مثيرة للاهتمام في نهاية الصفحة الثالثة، جزئية متعلقة بالغائبين ومن يزعم الجيش بأنهم "مفقودون” لا قتلى، ومع ذلك يتم منح أسرهم تعويضات كاملة:

(المادة 3) أ. العسكري الذي شهدت له "جهة عسكرية مختصة”، بشهادة موقعة بيدها، أنه اختفى في يوم معين بسبب خدمته، ولم تعرف آثاره منذ ذلك الحين، يعتبر لأغراض هذا القانون وكأنه مات في ذلك اليوم بسبب خدمته. (اعتبار الوفاة لغرض التعويض وليس لغرض الإعلان الرسي عن الفقدان أو الوفاة).

ب. "الجهة العسكرية المختصة”، في هذا القسم، تعني ضابطًا في جيش الدفاع الإسرائيلي يعينه وزير الدفاع ليكون سلطة عسكرية معتمدة لأغراض هذا القسم.

إذن لا يتم إبلاغ أسرته بمقتله، وفي حال سألت أسرته عنه يقدمون لها ورقة مفقود ويمنحونها وفقاً لهذه الورقة القدر ذاته من التعويض الذي تتلقاه أسر القتلى، مع إبقاء أملهم قائماً بأن يتم العثور عليه إما حياً أو ميتاً أو هارباً، وتبقى أعداد هؤلاء "المفقودين” سرّاً بموجب الرقابة العسكرية.

ومما يعزز ذلك أيضاً، في الصفحة 15، وتحت القسم المتعلق بـ”مطالبات التقادم”، ما يلي:

إن قوانين التستر على المعلومات، والتعويضات الإضافية المشروطة، والتنصل من تكريم الجنود القتلى وشراء صمت أهاليهم، من خلال اعتبار شهادة الفقدان بمثابة وثيقة وفاة من أجل الحصول على التعويضات، وعدم الاهتمام بالجندي "المفقود” ما لم يتم الاستفسار عن مصيره، فضلاً عن "بروتوكول هانيبال”، الذي زُعم بأن إسرائيل قد تخلت عنه عام 2016؛ جميعها تؤكد بُطلان الصورة التي تحاول إسرائيل نسجها بشأن تقديسها لكل "مواطن يهودي”، وبأن دولة الاحتلال وجيشها هما الأكثر موثوقية عندما يتعلق الأمر بحياة اليهود، سواء أكانوا مدنيين أو جنوداً، وبأن هذا ينسحب حتى على جثة الجندي بعد مقتله.

لكن المهم هنا هو أن ما يمكن التوصل إليه عبر ثغرات لدى الاحتلال نفسه يتيح لنا إثبات وجود حقائق كبيرة، يتم الإنفاق ببذخ على محاولة إخفائها، فضلاً عن وسائل التستر الأخرى. فهل من الممكن الوصول من خلال ثغرات مشابهة إلى تقدير منطقي لحجم خسائر الجيش الإسرائيلي في غزة؟

  ثالثاً: تقدير عدد قتلى الجيش الإسرائيلي:
في هذا الجزء الثالث والأخير، نقترح عملية حسابية لتحديد العدد الأقرب للحقيقة للقتلى الإسرائيليين في غزة، وذلك من خلال بيانات إسرائيلية رسمية ومقارنتها بأخرى لاحقة، وتطبيق أنماط تقليدية للخسائر العسكرية على حالة الحرب القائمة في غزة، عِلماً بأن هذه العملية تبقى في نطاق التقدير مهما حاولنا استخدام آليات مختلفة والمقارنة بينها للاقتراب من الحقيقة قدر الإمكان.

لقد تم بالفعل رصد العديد من الثغرات في جدار التكتم الإسرائيلي، إذ وبالرغم من محاولات الضبط الشديد لعمليات الإعلان عن أعداد الجرحى والقتلى، إلا أن الاحتلال شهد تخبطاً شديداً في العديد من المحطات، تجلّى في التباين بين ما يُعلنه الجيش وما تُعلنه المستشفيات، وخاصة فيما يتعلق بأعداد الجرحى في الأسابيع الأولى للحرب، والتي عكست وتيرة يومية تفوق بكثير ما تم الإعلان عنه في الأسابيع اللاحقة بفعل تشديد الرقابة العسكرية قبضتها على المعلومات الرسمية.

 تشرين الأول، أو 147 منذ بداية الغزو واسع النطاق في 27 أكتوبر/ تشرين الأول (مع حذف أيام الهدنة).

من المثير التطابق مع نتائج المقارنة السابقة، ما يمنحنا ثقة أكبر بأن وتيرة الإصابة اليومية لجنود الاحتلال في غزة تبلغ بالفعل نحو 140 إصابة يومياً.

بالانتقال إلى مرحلة حساب القتلى إلى الجرحى، وبالعودة إلى مثال التجربة الأميركية في العراق، فإن معدل القتلى إلى مجموع الإصابات (الطفيفة والخطيرة والقاتلة) يبلغ 1/8 (4285/34583 حتى حزيران/يونيو 2008).

يُفترض بأن حالة غزة أكثر سخونة بالنظر إلى صغر المساحة واكتظاظها مقارنة بالمديات الواسعة في العراق، التي تحد من احتمالية أن تؤدي الإصابة إلى القتل.


نتائج تحليل المحتوى المتاح والمُعلن عنه للقتلى من الجنود الإسرائيليين في حرب غزة يشير بشكل واضح إلى وجود هندسة إحصائية، تخرج بالنتائج من إطار العشوائية المنطقية لعينة من 231 جندي، تم الإعلان عن مقتلهم رسمياً خلال الأيام المئة الأولى للقتال في غزة. تشمل تلك الهندسة بشكل أساسي: توزيع المُعلن عنهم من القتلى على الرتب العسكرية، وهي نتيجة لحتمية الإعلان عن الرّتب العليا والحاجة إلى الموازنة بين المنطقية في نسبة تلك الرّتب العليا إلى مجموع القتلى المُعلن عنهم، من جهة، والحد من ذلك المجموع من جهة أخرى. التوزيع الجغرافي للمعلن عنهم من القتلى في ضوء صعوبة و/أو عدم الرغبة في التستّر على القتلى المنحدرين من التجمعات الاستيطانية وخاصة في الضفة الغربية، بشكل أساسي، مع الحاجة في المقابل إلى إظهار مساهمة تشمل الكيان بأكمله، وخاصة القدس ذات الرمزية الكبيرة، والشمال البعيد عن قطاع غزة. الهندسة الإحصائية تؤكد وجود ما هو مخفي ومُتكتم عليه، لكن ذلك يُحتم البحث في تشريعات تنظم عملية "الإخفاء” تلك، بالنظر إلى صعوبة تنفيذها وضبطها بإحكام دون عمل مؤسسي. التشريعات الإسرائيلية المتعلقة بتعويضات ذوي قتلى الجيش الإسرائيلي تشير إلى جانبين مهمّين في هذا الإطار: تشريع "تعويضات إضافية” في حالات يحددها وزير الدفاع حصراً، ويضع شخصياً لوائحها ويشكل اللجنة التي تشرف عليها، مع منحه سلطة استعادة تلك الأموال في حال الإخلال بالشروط. تشريع اعتبار الجنود في عداد المفقودين لا القتلى، وعدم الاكتراث لهم ولا لذويهم ما لم يتم السؤال عنهم، وآنذاك يتم إصدار وثيقة "فقدان” بحق هؤلاء الجنود، ومنح ذويهم (اعتباراً من تاريخ إصدار الوثيقة) التعويضات ذاتها التي يحصل عليها ذوو القتلى، وذلك لإسكات ذوي "المفقودين” هؤلاء، مع إبقاء أملهم قائماً بـ”العثور عليهم”. مؤسسة "التأمين الوطني” الإسرائيلية أعلنت كذلك بأنها تقدم تعويضات ومنحاً لذوي "مفقودين” لم تُدرجهم سلطات الاحتلال ضمن قوائم ضحايا طوفان الأقصى، وهو أمر يعود إلى تقدير المؤسسة بعد مقابلة أسرة "المفقود”، ولا يتم الإعلان عن أي من تلك الحالات ولا عن مجموعها. من لوائح مؤسسة التأمين، ومن خلال تتبع نهج الجيش كذلك، فإن الإعلان عن القتيل من جيش الاحتلال لا يتم إلا بعد "إخطار ذويه”، أي بكلمات أخرى، وبالنظر إلى النقاط السابقة؛ "التفاهم مع ذويه”. قد يكون من الممكن إثبات وجود تستّر إسرائيلي، لكن الوصول للعدد الحقيقي لقتلى جيش الاحتلال يبقى في إطار "التقدير” بالنظر إلى التكتم الإسرائيلي الشديد. ورغم ذلك فإن هنالك وسائل للوصول بذلك التقدير إلى مستويات معقولة من المنطقية والواقعية، ولا سيما من خلال استغلال بعض الثغرات المعلوماتية، ومقارنة حرب غزة بظروف حروب حديثة مشابهة. من خلال استخدام نهجين منفصلين، فإن تقديرنا لوتيرة الإصابات اليومية في صفوف جيش الاحتلال تبلغ 140 إصابة يومياً، بين طفيفة ومتوسطة وخطيرة وقاتلة؛ أي بمجموع 14000 إصابة خلال 100 يوم من القتال في غزة. من خلال إسقاط معدل القتل إلى مجموع الإصابات في حرب العراق حتى منتصف عام 2008 (1/8)، فإن عدد القتلى الإسرائيليين خلال 100 يوم من القتال المحتدم في غزة يبلغ 1750 قتيلاً. يتناسب هذا العدد منطقياً إلى حد كبير مع خسائر جيش الاحتلال على مستوى الدبابات تحديداً، وهو السلاح الأساسي الذي يستخدمه الجيش سواء على مستوى القتال أو حمل الجنود. مؤشر "Global Firepower”، المُعتدّ به على نطاق واسع حول العالم، وفي تحديثه لبيانات قوة وقوام الجيش الإسرائيلي لعام 2024، قد اعتبر بأن الجيش الإسرائيلي قد خسر 830 دبابة، مقارنة بما كان عليه الحال في العام السابق، وهو ما يتناسب وإعلانات المقاومة الفلسطينية، ويمكن استخدامه للتحقق من منطقية تقديرنا لعدد القتلى من الجنود الإسرائيليين في هذه الحرب. أخيراً

لقد أصبح الحديث في الكذب الإسرائيلي وحاجة دولة الاحتلال إلى هذه الممارسة أمراً مكرراً، حتى في الإعلام العبري نفسه، وكثر الحديث عن ضرورة أن تحافظ إسرائيل على صورة القوة لاعتبارات داخلية وإقليمية ودولية، لكن ما يستحق أن نشير إليه هنا في هذا السياق هو حاجة إسرائيل الملحّة إلى تدمير مصدر الصمود الأخير المتبقي لدى الفلسطينيين في غزة، وهو الإيمان بالقدرة على المقاومة، وجدواها، بعد أن دمّر الاحتلال كل شيء في غزّة، بما في ذلك الأسباب الأساسية للحياة البشرية.