طالب المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان المجتمع الدولي بالضغط الفعال على إسرائيل لضمان فتح المعابر والسماح بسفر آلاف المصابين والمرضى في قطاع غزة؛ لإنقاذ حياتهم من موت محقق ينتظرهم مع استمرار منعهم من السفر، وعدم توفر إمكانية علاجهم داخل القطاع بسبب الاستهداف الإسرائيلي المنهجي للقطاع الصحي هناك بالتدمير والحصار، ما أخرج غالبية مكوناته عن الخدمة.
وقال المرصد الأورومتوسطي إن إسرائيل تواصل حصار جرحى ومرضى غزة وتمنعهم من السفر لتلقي العلاج بعدما دمرت أو أخرجت غالبية المستشفيات في قطاع غزة عن العمل، مؤكدًا أن ذلك سيتسبب بموت أكثر من 26 ألف مصاب ومريض بحاجة إلى تحويل خارجي عاجل لإنقاذ الحياة، إضافة إلى آلاف آخرين بحاجة للسفر من أجل استكمال علاج أو تلقي خدمات صحية ضرورية وتأهيلية غير متوفرة في قطاع غزة.
وأشار الأورومتوسطي إلى أنه ومنذ سيطرة الجيش الإسرائيلي على معبر رفح في 7 مايو/أيار الماضي وإغلاقه، توقفت حركة سفر الفلسطينيين، بما في ذلك سفر المصابين والمرضى للعلاج في الخارج وفق الآلية المتبعة، والتي كانت تسمح بمرور أعداد قليلة منهم بالسفر بعد إخضاع أسمائهم للفحص الأمني الإسرائيلي التعسفي.
وذكر أنه طوال الفترة الماضية، لم يسمح لأي من المصابين أو المرضى بالسفر خارجًا، رغم انهيار المنظومة الطبية في قطاع غزة، وإخراج 34 مستشفى من أصل 36 عن الخدمة في قطاع غزة نتيجة الاستهداف الإسرائيلي الممنهج، حيث تعمل حاليًا عدد قليل من المستشفيات بشكل جزئي، دون توفر أجهزة طبية وأدوية ومع حالة إنهاك شديد للطواقم الطبية التي بقيت تعمل منذ تسعة أشهر دون راحة.
وأشار إلى أن إسرائيل سمحت بسفر 21 مريضًا مع عدد من ذويهم في 27 يونيو/حزيران الماضي، عبر معبر "كرم أبو سالم" بالتنسيق مع منظمة الصحة العالمية، في حين بقي أكثر من 12 ألف جريح بحاجة للسفر لإنقاذ حياتهم، إضافة إلى 14 ألف مريض، منهم نحو 10 آلاف مريض سرطان والبقية أمراض أخرى خطيرة مهددون بالموت المحدق حال لم يسافروا للعلاج.
وقال المرصد الأورومتوسطي إنه تلقى العديد من الشكاوى والمناشدات من مصابين ومرضى يطالبون بالسماح لهم بالسفر لإنقاذ حياتهم.
قالت السيدة "إسراء جهاد الجندي" (32 عامًا)، من سكان الشجاعية شرقي مدينة غزة، لفريق الأورومتوسطي: "تعرض منزلي للقصف الإسرائيلي في 3 يوليو الجاري، ما أدى إلى مقتل ثلاثة من أطفالي. أما أنا، فوجدت نفسي عبارة عن كتلة نار وسواد ولم أعد أسمع شيئًا، أدركت أنني أصبت بصاروخ، وجدت نفسي في بيت الجيران وساقيّ في منزلي فوقهم حزام باطون، أخرجني الجيران، ونقلوني إلى المستشفى المعمداني، جرى وضع بلاتين في ساقي اليمنى وبلاتين خارجي وأصبت بعدة كسور في أطرافي وفي الحوض وفي صدري.. لا أستطيع التحرك، لا يوجد جهاز لتثبيت الحوض، أنا أموت يوميًّا ومطلبي أن يتم سفري للعلاج في الخارج."
وأفاد "بلال منير أبو سلطان" من سكان شمال غزة: "أنا مريض سرطان، منذ شهر أبريل الماضي، انتشر المرض برقبتي بشكل كبير، أنا أحتاج للسفر للعلاج لإنقاذ حياتي، يجب أن أسافر فورًا قبل انتشار السرطان في كل جسمي، هنا لا يوجد علاج."
وأفاد "عبد الرحمن محمد" (17 عامًا): "أنا أصبت بجروح خطيرة في 23 أكتوبر 2023 بعدما قصفت الطائرات الإسرائيلي منزل عائلتي التي قتلت جميعها والدي ووالدتي و4 من أشقائي منهم 3 أطفال، أنا الوحيد الذي نجوت حينها وكنت مصابًا بحروق وكسور، تحسنت حالتي من الحروق، ولكن ما زلت لا أستطيع المشي، ركبوا لي بلاتين خارجي ثم تم فكه، وأجروا لي عملية جراحية وفشلت، وأنا حاليا لا أستطيع المشي ويوجد كهرباء في رجلي، ولا يوجد، نتيجة تدمير المستشفيات وعدم توفر العلاج فرص لعلاجي هنا، أناشد الجميع مساعدتي للعلاج والسفر."
وشدد الأورومتوسطي على أن ما يجري من حصار وإغلاق المعابر، بعد تدمير الجيش الإسرائيلي المستشفيات والمرافق الصحية في قطاع غزة وإخراج غالبيتها عن العمل يعني قرارًا إسرائيليًّا بتنفيذ إعدام جماعي للمرضى والمصابين وقتلهم عمدًا.
وقال الأورومتوسطي إن تدمير المستشفيات والمرافق ووسائل النقل الطبية ومنع إدخال الأدوية والأجهزة الطبية وقتل واعتقال الكوادر الطبية يأتي في إطار جريمة الإبادة الجماعية التي تنفذها إسرائيل ضد الشعب الفلسطيني في قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر/تشرين أول 2023، ليتوفى من لم يتم قتله على نحو مباشر من خلال حرمانه من العلاج الضروري. يأتي تدمير هذا القطاع في مقدمة الخطة المنهجية والمنظمة وواسعة النطاق التي تنفذها إسرائيل لتدمير حياة الفلسطينيين في القطاع، وتحويله إلى مكان غير قابل للحياة والسكن ويفتقد لأبسط مقومات الحياة والخدمات الأساسية، من خلال جملة جرائم متكاملة، أخطرها الاستهداف المنهجي وواسع النطاق للقطاع الصحي وإخراجه عن الخدمة بالتدمير والحصار، وإيصاله إلى نقطة اللاعودة، وحرمان الفلسطينيين من فرص النجاة والحياة والاستشفاء، وحتى من المأوى.
وشدد على أن ما ترتكبه إسرائيل من جرائم ضد المستشفيات والأشخاص المحميين في قطاع غزة تشكل كذلك جرائم حرب مكتملة الأركان، بالإضافة إلى كونها جرائم ضد الإنسانية كونها تنفذ في إطار الهجوم العسكري الإسرائيلي المنهجي والواسع النطاق ضد السكان المدنيين في قطاع غزة.
كما أكد الأورومتوسطي أن الجيش الإسرائيلي ينفذ جرائمه ضد مستشفيات القطاع دون أدنى احترام لقواعد القانون الدولي، وبخاصة القانون الدولي الإنساني، وفي انتهاك صارخ لمبادئ التمييز والتناسبية والضرورة العسكرية وأخذ الاحتياطات اللازمة، وكذلك انتهاكا جسيما للحماية الخاصة التي تتمتع بها المستشفيات المدنية والطواقم الطبية، والحماية التي يتمتع بها المدنيون سواء بصفتهم هذه أو كونهم غير مشاركين مشاركة مباشرة بالأعمال الحربية، وكذلك انتهاكا للحماية التي يتمتع بها الجرحى والمرضى، وحظر استهدافهم، حتى لو كانوا من العسكريين.
وجدد الأورومتوسطي مطالبته بتدخل دولي عاجل لإقامة مستشفيات ميدانية في شمال غزة، والضغط على إسرائيل لوقف هجماتها المتكررة عن المستشفيات التي أخرجتها عن العمل، وضمان سلامة الطواقم الطبية والمرضى والجرحى والنازحين داخلها، وتمكينهم من تلقي العلاج المنقذ للحياة، وضمان تحويل آلاف الحالات الطارئة للعلاج في الخارج.