يعد البحر الميت أحد أعظم العجائب الطبيعية في العالم، فهو ليس فقط أخفض نقطة على سطح الأرض بارتفاع يصل إلى حوالي 400 متر تحت مستوى سطح البحر، بل يحمل تاريخًا طويلًا يتجاوز الزمن الجيولوجي إلى العصور التاريخية المختلفة. يُعرف تاريخيًا بعدة أسماء مثل "بحر الملح"، "بحر العربة"، "البحر الشرقي"، و"عمق السديم"، وقد أُطلق عليه في العهد المسيحي اسم "بحر الموت" نسبة إلى قلة الحياة فيه.
خصائص فريدة وتركيز ملوحي هائل
يتميز البحر الميت بملوحته العالية التي تبلغ حوالي 34%، وهي ما يعادل تسعة أضعاف تركيز الأملاح في البحار والمحيطات الأخرى. هذه النسبة العالية ترجع إلى غياب التصريف الطبيعي للمياه، حيث تعتبر البحيرة وجهة نهائية للمياه التي تتدفق إليها من الأنهار والأودية المحيطة. ومع ذلك، تتبخر المياه تحت تأثير المناخ الصحراوي شديد الجفاف والحرارة، مما يزيد من تركيز الأملاح والمعادن فيه.
أهمية تاريخية وسياحية
يرتبط البحر الميت بتاريخ ديني وثقافي غني. فبالقرب منه، يُقال إن قوم النبي لوط قد عاشوا قبل أن يحل بهم العذاب الإلهي، ولهذا السبب يُطلق عليه أيضًا "بحيرة لوط". كما أن الإغريق هم من أطلقوا عليه اسم "البحر الميت" لأول مرة بسبب غياب الحياة البحرية فيه.
الموقع لا يقتصر على جماليته الطبيعية وتشكيلاته الملحية الفريدة، بل يشمل معالم أثرية هامة مثل "خربة قمران"، و"كهف النبي لوط"، و"مسعدة". هذه المواقع تجذب السياح من جميع أنحاء العالم، ليتمتعوا بالمناظر الخلابة والآثار التاريخية.
السياحة العلاجية: مزيج من الطبيعة والعلاج
لا تقتصر أهمية البحر الميت على كونه وجهة سياحية فقط، بل يعتبر من أهم المناطق في العالم للسياحة العلاجية. مياه البحر الغنية بالمعادن مثل الكالسيوم والبوتاسيوم، والطين الفريد الذي يحتوي على عناصر طبيعية تساعد في علاج العديد من الأمراض الجلدية والصدرية مثل الصدفية، الأكزيما، والربو. كما يستخدم لعلاج التهاب المفاصل (الروماتزم)، وتخفيف آلام الظهر المزمنة، وعلاج حب الشباب.
تهديدات وتغيرات بيئية
على الرغم من كل ما يحمله البحر الميت من قيمة بيئية وتاريخية، فإنه يواجه تهديدات بيئية خطيرة. فقد تقلصت مساحته بأكثر من 35% خلال الأربعين عامًا الماضية نتيجة العوامل المناخية والاستخدام البشري غير المستدام لمصادر المياه المحيطة.