نشرت صحيفة "الكونفدنسيال" الإسبانية تقريرا، تحدثت فيه عن الطريقة اليابانية للحفاظ على شوارع ومنازل نظيفة للغاية.
وقالت الصحيفة في التقرير الذي ترجمته "عربي21"، إن اليابان كثيرا ما جلبت انتباه دول الغرب؛ بسبب تميّزها وعاداتها المختلفة. في الواقع، ما زال هذا البلد يثير اهتمام الآخرين، حيث يستقطب أكثر من 34 مليون سائح كل سنة، ويبدون إعجابهم بعديد الأماكن اليابانية الشهيرة، على غرار طوكيو ومعابد غيشا كيوتو وشواطئ أوكيناوا الجنة، بالإضافة إلى أهالي أوساكا العاطفيين ونظافة الشوارع التي تعد أبرز ما يفاجئ ويثير دهشة الزائرين.
وأضافت الصحيفة أن عدم وجود عامل نظافة في المدارس أمر طبيعي، هذا يعني أن واحدا أو اثنين من الطلاب ينظفون الأوساخ من الأقسام مجرد مغادرة الطلاب للمنزل بعد يوم طويل من الدراسة. ويقوم هؤلاء الطلبة بكنس الأقسام، ومسح اللوح المخصص للكتابة، وتنظيم المسودات، وهو ما يساعدهم على إدراك أهمية الاهتمام ببيئتهم وتحمّل المسؤولية.
علاوة على ذلك، تخلو الشوارع اليابانية من أعوان النظافة وسلال المهملات في أغلب الأحيان، وهو ما يعد من أكثر الأشياء التي تثير دهشة الزائرين، وتجعل السائح الغربي يتساءل عن السر الكامن وراء بقاء الشوارع نظيفة.
وأشارت الصحيفة إلى أن نظافة الشوارع اليابانية تتعلق أساسا بالأطفال الذين تعودوا على تنظيف مدارسهم. في هذا الصدد، أفادت مايكو أوان، نائب مدير مكتب طوكيو في حكومة مقاطعة هيروشيما على موقع بي بي سي، بأن "وقت التنظيف يعد جزءا من جدول الطلاب اليومي لمدة 12 سنة من الحياة المدرسية، انطلاقا من المرحلة الابتدائية، وصولا إلى المرحلة الثانوية. يعلمنا آباؤنا في المنزل أن عدم الحفاظ على نظافة وترتيب منازلنا وشوارع مدينتنا أمر سيئ بالنسبة لنا".
وأوردت الصحيفة أن هذه العادة تساعد الأطفال على تنمية الوعي والاعتزاز ببيئتهم، حيث لن يفكر أحد في إلقاء القمامة في المدرسة؛ لأنهم يدركون أنهم سوف ينظفونها لاحقا. وقد أوضحت أن الأطفال لا يريدون تنظيف صفوف المدرسة في بداية الأمر، لكنهم يقبلون ذلك؛ لأن الأمر أصبح جزءا من الروتين، كما هو الحال بالنسبة لترك أحذية الشوارع في الخزانات بمجرد دخول المدرسة، وتغييره بآخر، وهو ما يحدث أيضا عند الدخول للمنزل. تعد اليابان من المجتمعات التي يكون فيها الشرف متجذرا، ويحظى أيضا بأهمية كبيرة.
ونوّهت الصحيفة بأن مسألة ضرورة الحفاظ على نظافة الشوارع تجاوزت الأطفال في المدارس إلى طبقات اجتماعية أخرى. فعلى سبيل المثال يحتفظ الحاضرون في مهرجان "فوجي روك" الموسيقي بالقمامة حتى يعثروا على حاوية. حوالي الساعة الثامنة صباحا، ليس من الصعب العثور على موظفي المكاتب وموظفي المتجر لتنظيف الشوارع المحاذية لأماكن عملهم.
بالإضافة إلى ذلك، من الوارد جدا أن تشاهد مواطنين يابانيين يرتدون أقنعة شبيهة بالأقنعة الطبية خلال تجولهم، وهي طريقة لتجنب نقل العدوى للآخرين. يعتبر اليابانيون أن ارتداء الأقنعة الجراحية يقلل من انتشار الفيروسات، وبالتالي يوفر المصاريف الطبية.
وأردفت الصحيفة بأن اهتمام اليابانيين بنظافة المنازل والشوارع ليس مسألة حديثة العهد في هذا الشأن، حيث أرّخ البحار ويل آدمز، أول رجل إنجليزي يخطو إلى اليابان سنة 1600، في مذكراته "النبلاء نظيفون تماما، حيث يمتلكون مجاري الصرف الصحي وحمامات البخار من الخشب المعطر. اليابانيون يشعرون بالرعب من ازدراء الأوروبيين للنظافة الشخصية". والجدير بالذكر أن اليابان تتميّز بطقس دافئ ورطب، أي أنها أرضية خصبة لانتشار البكتيريا، ما يجعل النظافة الجيدة مرادفة للصحة الجيدة.
وذكرت الصحيفة أن النظافة تعدّ مبدأ أساسيا من مبادئ الديانة البوذية التي عرفت في الصين بين القرنين السادس والسابع. في هذا الصدد يقول إريكو كواجاكي من معبد ناريتاسان شينشوجي الواقع في ولاية هيروشيما: "ينبغي اعتبار جميع أنشطة الحياة اليومية، بما في ذلك تنظيف المكان، فرصة لممارسة البوذية". علاوة على ذلك، يعتبر "الكيجاري" المرادف للشوائب والأوساخ من المفاهيم الأساسية في الشنتوية، الدين الأصلي في البلد.
ختاما، نقلت الصحيفة أن "الكيجاري" مسألة ينبغي محاربتها من خلال طقوس التطهير، لأنها ترتبط أيضا بالأمراض المعدية والموت. عموما، تعودت اليابان على أسلوب حياة يقوم على حياة نظيفة واستخدام معقمات اليد التي توفر للعملاء في المتاجر والمكاتب، فضلا عن تصنيف القمامة إلى عشرة أنواع مختلفة لتسهيل إعادة التدوير.