قبل عام، عانت إسرائيل من أسوأ فشل استخباراتي في تاريخها عندما وقعت أحداث السابع من أكتوبر.
وتواجه الآن معضلة كبيرة في كيفية التصرف في قطاع غزة، حيث تجد نفسها بعد عام من الحرب المدمرة غير قادرة على اجبار حماس على الاستسلام أو عقد صفقة تبادل للأسرى وفقا لشروطها، وللمرة الأولى في تاريخها انكمشت مساحة دولة الاحتلال في الجنوب والشمال.
فالمستوطنون يرفضون العودة للمستوطنات في الجنوب خشية من كوابيس الماضي، كذلك تبادل القصف مع حزب الله يجعل عودة المستوطنين للشمال مهمة بعيدة المنال في الوقت الراهن.
لكن إسرائيل نجحت في تحقيق اختراقات استخباراتية بارزة في صفوف حزب الله بعكس فشلها في 7 أكتوبر.
وهو ما يدلل بحسب خبراء إسرائيليين على أن الموساد واجهزة أمن الاحتلال كانت تولي جبهة حزب الله وإيران الأولوية في وقت أهملت حماس بصفتها تهديدا أقل خطورة.
وتقول صحيفة وول ستريت جورنال: "حتى قبل وقت قصير من توغل السابع من أكتوبر من قطاع غزة، كانت كبار المسؤولين يتجاهلون المؤشرات على هجوم وشيك. ففي سبتمبر الماضي، وصفت القيادة العسكرية الإسرائيلية الوضع في غزة بأنه حالة "عدم استقرار مستقر"، وخلصت التقييمات الاستخباراتية إلى أن حماس قد حولت تركيزها نحو تأجيج العنف في الضفة الغربية، وأنها ترغب في تقليل مخاطر الرد الانتقامي الإسرائيلي المباشر".
ونقلت الصحيفة عن كارميت فالنسي، الباحثة البارزة في معهد دراسات الأمن القومي في تل أبيب، قولها: "كان الكثير من تركيزنا على الاستعداد لمواجهة مع حزب الله. لقد أهملنا إلى حد ما الساحة الجنوبية والوضع المتطور مع حماس في غزة."
وخلال الأسبوعين الماضيين، شنت إسرائيل سلسلة من الهجمات في لبنان ألحقت بحزب الله أضرارًا كبيرة، مما جعل المجموعة في حالة صدمة من قدرات إسرائيل على اختراق صفوفها، وهي الآن تكافح لسد هذه الثغرات.
ففي الأسبوع الماضي، انفجرت آلاف الأجهزة اللاسلكية والصفارات التابعة لحزب الله بشكل متزامن تقريبًا على مدى أيام متتالية، ما أسفر عن وقوع 37 ضحية وإصابة حوالي 3000 شخص.
وبعد ذلك بفترة وجيزة، أدى غارة جوية في بيروت إلى اغتيال مجموعة من أكثر من اثني عشر قائدًا عسكريًا من النخبة من الحزب.
وبحسب الصحيفة الأميركية: "لا تزال ثغرات أمن حزب الله قائمة".
ففي يوم الثلاثاء، أسفرت غارة إسرائيلية أخرى في جنوب بيروت عن اغتيال قائد صواريخ حزب الله الأعلى.
جاءت هذه العمليات بعد نحو شهرين من إظهار إسرائيل اختراقها لحزب الله عبر قتل القائد البارز فؤاد شكر، الذي تهرب من الولايات المتحدة لمدة أربعة عقود.
اغتيل في غارة جوية على شقته في الطوابق العليا من مبنى سكني في بيروت، بعد استدعائه بمكالمة هاتفية قبيل ذلك.
وتعود نجاحات الاحتلال ضد حزب الله مقارنة بفشله فيما يتعلق بحماس إلى أن أجهزة الأمن الإسرائيلية تتفوق في الهجوم أكثر من الدفاع، وفقًا لأفنر غولوف، المدير السابق بمجلس الأمن القومي الإسرائيلي والخبير حاليًا لدى مجموعة "مايند إسرائيل" الاستشارية في مجال الأمن القومي.
وقال غولوف: "جوهر العقيدة الأمنية الإسرائيلية هو نقل الحرب إلى العدو. مع غزة، كان الأمر مختلفًا تمامًا. لقد فوجئنا، لذلك كان فشلًا."