منذ أكثر من أربعة عقود، تثار فكرة بناء جسر يربط بين المغرب وإسبانيا عبر مضيق جبل طارق لتغطية المسافة البحرية التي تبلغ 14 كيلومتراً. ويستلهم المشروع من "نفق المانش" الذي يصل بين فرنسا وإنجلترا بطول يتجاوز 50 كيلومتراً، لكنه يواجه عقبات جيولوجية وهندسية تجعل تحقيقه أمراً بالغ الصعوبة.
أبرز هذه التحديات هو عمق مياه المضيق، الذي يتراوح بين 300 و900 متر، مما يزيد من تعقيد إنشاء الأساسات اللازمة للجسر. كما أن المنطقة تعاني من تيارات بحرية قوية ونشاط زلزالي نشط بسبب وقوعها على حدود الصفيحتين التكتونيتين الإفريقية والأوراسية، ما يشكل خطراً إضافياً على استقرار أي هيكل يُبنى هناك.
إضافة إلى التحديات الجيولوجية والهندسية، تأتي التكلفة المالية المرتفعة كعائق آخر أمام تنفيذ هذا المشروع الطموح. إن إنشاء جسر يمتد عبر أعماق كبيرة ويتحمل التيارات القوية والنشاط الزلزالي سيستلزم تقنيات حديثة وتكلفة ضخمة لتأمين البنية التحتية اللازمة وضمان سلامة الجسر واستقراره.
رغم كل هذه التحديات، يبقى المشروع حلماً مطروحاً للنقاش بين الحكومتين المغربية والإسبانية. ويرى المؤيدون أن إنشاء هذا الجسر سيعزز الربط الاقتصادي والتجاري بين أوروبا وإفريقيا، ويفتح فرصاً للتنمية السياحية والتبادل الثقافي، ما قد يجلب فوائد اقتصادية كبيرة للمنطقتين.
لكن في المقابل، يعتقد بعض الخبراء أن المشروع قد يكون أكثر كلفة وتعقيداً من الفوائد المتوقعة، مشيرين إلى أن استثمار هذه الأموال في تحسين وسائل النقل البحري والبري الحالية قد يكون بديلاً أكثر واقعية وجدوى.
يبقى مشروع جسر مضيق جبل طارق فكرة ذات طابع طموحي تتطلب تضافر الجهود العلمية والمالية والسياسية لتحقيقها، إذا قررت الأطراف المعنية تجاوز التحديات الجيولوجية والهندسية التي تعترض طريقها.