تدرج مسودة تعليمات متخصصة، حلا لمعالجة مشكلة تزايد النفايات بالمملكة يقوم على إعادة تأهيل البنية التحتية الشاملة الخاصة بالجمع والنقل والفرز، بما في ذلك تحويل المكبات إلى أخرى صحية، وزيادة وسائل النقل لها.
وتشتمل المبررات الرئيسية لهذا الخيار على الفوائد الاقتصادية التي ستحقق، إذ سيؤدي تحسين البنية التحتية لخفض التكاليف التشغيلية بنسبة 20 % إلى 30 %، فضلاً عن تقليل نسبة انبعاثات غازات الدفيئة ما بين 50 % و60 % بعد تحويل المكبات، وفق مسودة تعليمات المتطلبات البيئية والفنية لغرز المواد القابلة لإعادة التدوير من النفايات الصلبة غير الخطرة من مصدرها.
وتتراوح الكلف المترتبة على خزينة الدولة والموازنة الخاصة بالدائرة الحكومية لتطبيق الخيار التنظيمي الأفضل في إدارة النفايات بين عشرات إلى مئات الملايين من الدولارات، وذلك بحسب حجم المشروع، نطاقه الجغرافي والتقنيات المستخدمة.
وبدأت الوزارة بدراسة تقييم الأثر التشريعي لمسودة تعليمات المتطلبات البيئية، عبر دعوة الجهات كافة لإبداء رأيها والتعليق على بنود التعليمات لغاية اليوم.
ويعد ضعف نسبة إعادة تدوير للمواد القابلة لتلك الغاية، مقارنة بالكميات المتولدة من النفايات الصلبة غير الخطرة، مشكلة رئيسية في الأردن، لكونها لا تمثل سوى ما نسبته 7 % إلى 10 % من المعدل الإجمالي للمخلفات الواردة إلى المكبات.
وتعاني المكبات من عدم الكفاءة بمعالجة وفرز النفايات، ونقص في التكنولوجيا المتقدمة في مجال إعادة التدوير، ما يؤدي لتلوث عناصر البيئة، مثل زيادة انبعاثات الغازات الدفيئة كالميثان.
وكان الأردن تعهد بخفض انبعاثات غاز الميثان بنسبة 30 %بحلول العام 2030، وحسب تقرير دائرة الإحصاءات العامة، فإنه تم رصد 116 حالة تدرن رئوي العام 2022، وهذا مرض يصيب الإنسان نتيجة تلوث الهواء.
وتواجه وزارة البيئة تحديا بتفعيل تنفيذ أحكام القانون الإطاري لإدارة النفايات لعدم فهم كل جهة من الجهات المعنية في هذا القطاع لمسؤولياتها في هذا الملف، مع قلة التنسيق والتعاون فيما بينها، وفق ما ورد في التعليمات ذاتها.
ومن أحد الأسباب الرئيسية لتزايد كمية النفايات في الأردن؛ ضعف الوعي البيئي عند المواطنين، والقطاعين الصناعي والتجاري، والإدارة المستدامة له، ونقص المناهج الدراسية التي تحتوي على المبادئ الأساسية لإدارة المخلفات.
كما أن نقص مرافق إعادة التدوير والمعدات اللازمة لفرز ومعالجة النفايات بشكل فعال، وصعوبة معالجة بعض المواد المعقدة، أو المختلطة، من بين الأسباب كذلك.
ولا يقتصر الأمر على ذلك، بل إن غياب أو ضعف القوانين والسياسات التي تدعم وتعزز إعادة التدوير، في ظل عدم فعالية تنفيذ التشريعات الموجود أصلاً يفاقم من هذه المشكلة.
ويعد ارتفاع تكلفة جمع وفرز ومعالجة النفايات، وعدم وجود حوافز مالية تشجع الأفراد والشركات على الاستثمار في هذا المجال من بين التحديات كذلك.
ولتراكم النفايات وقلة إعادة التدوير آثار سلبية كبيرة على البيئة والمجتمع، من بينها تلوث الهواء والماء والتربة، وانتشار الأمراض، ما يزيد من المخاطر الصحية للسكان، خاصة في المناطق الحضرية، فضلاً عن استنزاف الموارد الطبيعية.
وتعهدت وزارة البيئة سابقا، بتقليل نسبة النفايات الصلبة الواردة للمكبات من 90 % إلى 50 % بحلول العام 2030، ووفقاً للاستراتيجية الوطنية لإدارة المخلفات الصلبة للأعوام 2015 و2034، أي زيادة نسبة إعادة التدوير إلى 50 % من النفايات.
ووضعت التعليمات حلولا وخيارات عدة لمواجهة المشكلة، من بينها تأهيل البنية الخاصة بالجمع والنقل والفرز، بما في ذلك تحويل المكبات لأخرى صحية، وزيادة وسائل النقل لها، وعبر تحسين منظومة الجمع، والنقل، والمعالجة وإعادة التدوير، وإنشاء مراكز جديدة للفرز.
ومن بين الأمور الأخرى؛ إطلاق حملات توعوية وطنية مكثفة بالتعاون مع البلديات والمنظمات غير الحكومية، وإدماج التعليم البيئي بالمناهج الدراسية، وتحفيز القطاع الخاص على المشاركة، وفرض قوانين ملزمة للفرز من المصدر، وتطبيق آلية الدفع مقابل التخلص.
وتضمنت التعليمات حلولا قائمة على تطبيق أنظمة رقمية لتتبع النفايات، وتحسين كفاءة الجمع، وتطوير برامج تمويل للمشاريع الصغيرة في مجال إعادة التدوير، مع تطبيق برامج تحفيزية للمواطنين مثل تقديم مكافآت للأسر.
ووضعت الوزارة خياراً آخر يقضي بتشجيع الاستثمار وتطوير الأدوات الاقتصادية، يشمل إصدار دليل إرشادي توعوي، وتعزيز الشراكة بين القطاعين العام والخاص، ورفع الوعي البيئي.