نظمت الجامعة الأردنيّة والسّفارة التّشيليّة في عمّان احتفالا بالذّكرى السّبعين للعلاقات الدبلوماسية الأردنيّة التّشيليّة، بحضور عدد من السّفراء، والدّبلوماسيّين، والخبراء، والأكاديميّين، وشخصيّات وطنيّة، أردنيّة، وتشيليّة.
وأكد سموّ الأمير الحسن بن طلال، في كلمةٍ مسجّلة له، أنّ الأردنّ تربطه علاقاتٌ تاريخيّة مع جمهورية تشيلي، ويشتركُ الشّعبان بالتزامهما الدّيموقراطيّة، وأساليبَ الحكم الرّشيدة، والتّغيير الاجتماعيّ - الاقتصاديّ الإيجابيّ.
ودعا سموُّه إلى ضرورة أن يستغلَّ البلدان القواسمَ المشتركة بينهما، والتّقاربَ الكبير؛ لتوسيع الشّراكات المؤثّرة في المجالات كافّة، ويسعيانِ في الوقت نفسِه إلى دورٍ جديد في تشكيل المستقبل للعالم بأسره.
وأكّد سموُّه إيمانَه بتوافق الأفكار القائمة على المحبّة، والسّلام، والديموقراطيّة، وإرساء قواعد الحوار، وتشجيع المواطنة لا التّبعيّة؛ إذ تأتي هذه الاحتفاليّةُ في ظلّ العدوان الإسرائيليّ على غزّة، داعيًا إلى عالميّة حقوق الإنسان، وحفظ حقّ الفرد في الحماية، بوصفه عضوًا في المجتمع الإنسانيّ، ومن منطلق احترام الكرامة الإنسانيّة.
ووضع سموُّه مقاربةً بين الشّاعر محمود درويش، والشّاعر التّشيليّ بابلو نيرودا، الحائز على جائزة نوبل؛ إذ يشتركان بالذّود عن الوطن، والتّوق الدّائم إلى الحريّة والاستقلال، وما يشتركان به من قيم ورؤى.
بدوره، قال رئيسُ الجامعة الأردنيّة الدكتور نذير عبيدات إنّ البلدين تجمعهما الكثيرُ من القواسم المشتركة، والقيم الرّفيعة في مقدّمتها قيم السّلام، والعدالة، والازدهار، ويتشارك قادةُ البلدين في وجهات النّظر نفسِها تجاه القضايا العالميّة الرّئيسة والقضايا الدّوليّة، والرّؤية نفسها؛ لزيادة نطاق العمل وسرعته؛ لمعالجة أزمة المناخ.
ودعا عبيدات، في كلمتِه، إلى ضرورة تعميق العلاقات وتوطيد أواصر التّعاون؛ لتعميق فهمنا التّحدّياتِ المتعلّقةَ بموارد المياه المحدودة، وتعزيز المرونة؛ لتقاسم المصالح المشتركة في حلّ هذه المشكلة، والتّعاون في قضايا التّغيّر المناخيّ والطّاقة.
وعلى صعيد التّعليم، أشار عبيدات إلى إمكانيّة عقد اتّفاق لبرنامج تبادل طلابّيّ يركّز على تنمية القيادة والمشاركة المدنيّة، وتمكين الطّلبة من ريادة الأعمال والابتكار.
وأعرب عبيدات عن أمله في رؤية علاقاتنا الثّنائية بين الأردنّ وتشيلي أكثر تماسكًا، داعيًا إلى ضرورة الوقوف بحزم ضدّ القتل، والتّدمير، والإبادة الجماعيّة في غزّة ولبنان، ودعم حقّ الفلسطينيّين في الوجود والعيش في دولة مستقلّة.
ومن جانبه، قال وزير خارجيّة جمهوريّة تشيلي ألبيرتو فان كلافيرين، إنّ الأردنّ يعدّ من أوائل البلدان الّتي أرست دعائم سفاراتها في أميركا الجنوبيّة، معربًا عن سعادته بالاحتفاء بالذّكرى السّبعين للعلاقات بين البلدين.
وقال كلافيرين إنّ التّشيليّ والأردنيّ ينطلقان من رؤيتيهما المشتركة في إرساء قواعد الأمن والسّلام الدّوليّين، ودعم حقّ الشّعب الفلسطينيّ في إقامة دولته المستقلّة على ترابه الوطنيّ وفق قواعد الشّرعيّة الدّوليّة، وعاصمته القدس الشّريف.
وأشاد دبلوماسيّون وأكاديميّون بالمواقف الدّوليّة للأردنّ، بقيادة جلالة الملك عبدالله الثّاني الرّامية إلى إحلال السّلام والاستقرار في المنطقة.
وأشاروا إلى أنّ الأردنّ قادَ حراكًا دوليًّا؛ لوقف العدوان، ومنع تهجير الفلسطينيّين، منذ اليوم الأول للعدوان الإسرائيليّ على قطاع غزّة، إلى جانب ضمان استمراريّة تدفّق المساعدات الإنسانيّة، والإغاثيّة، والطّبّيّة الإنسانيّة الّتي تخفّفُ معاناةَ الأهل في غزّة.
ومن جانبه استذكر رئيس قسم الشّؤون الأميركيّة في وزارة الخارجيّة وشؤون المغتربين خالد القاضي، خطابَ جلالة الملك عبد الله الثّاني في كونجرس تشيلي الوطنيّ آواخر عام 2008؛ إذ قال إنّ الأردنّ يسعى لأن يكون شريكًا لتشيلي، في الحاضر والمستقبل؛ إذ يشترك البلدان في روابط تجاريّة حيويّة مهمة، وعلاقات دبلوماسيّة، وتبادلات ثقافيّة، وغيرها، معربًا عن فخره بأنّ المهاجرين من أصول أردنيّة قد أسهموا في تقدّم تشيلي.
ولفت القاضي إلى دعوة جلالة الملك آنذلك إلى ضرورة التّصدّي إلى تحدّيات الأمن، والسّلام العالميّين، واليوم، مازال الصّراعُ يشكّل خطرًا مستمرًّا في الشّرق الأوسط، وجوهر هذا الخطر ومحوره الأساسيّ النّزاع الفلسطينيّ الإسرائيليّ الّذي لم يتوصَّل إلى حلّ له.
وفي الختام، قال سفيرُ جمهوريّة تشيلي في الأردنّ، خورخه تاغله، إنّ جلالة الملك عبد الله الثاني عمل بعزم، وإرادة قويّة؛ من أجل رفعة الأردن وازدهاره، والدّفاع عن قضايا أمّته، ومستقبل أجيالها، وتحقيق السّلام العالميّ.
وأكّد تطابقَ مواقف البلدين الصّديقين حيالَ القضايا الدّوليّة والإقليميّة المختلفة، سيّما ما يتّصل بجهود تحقيق السّلام وصولًا إلى إقامة الدّولة الفلسطينيّة المستقلّة على التّراب الوطنيّ الفلسطينيّ، وعاصمتها القدس.
وأشاد بالإصلاحات الّتي ينتهجها الأردنّ بقيادة جلالة الملك عبد الله الثاني، وما ينعم به من استقرار يؤهّله إلى جذب الاستثمار، مؤكّدًا أهميّةَ استثمار العلاقات السّياسيّة المتميّزة بين الأردنّ وتشيلي؛ لدفع مسيرة التّعاون الاقتصاديّ، والتّجاريّ، والاستثماريّ بين البلدين.
وأكّد ضرورةَ بناء تعاون فعّال بين الجانبين، وتبادل الخبرات والمعارف خاصّة في المجالات الّتي تمتلك فيها تشيلي خبراتٍ متراكمة، مثل تقنيات معالجة المياه وتحليتها، وإدارة الموارد الطّبيعيّة؛ ما يفتح آفاقًا جديدة للتّعاون العلميّ والأكاديميّ المُشترَك.
وتخلّل الحفلَ مداخلات عبر تقنية الاتّصال عن بعد، أكّد المتحدثون فيها متانةَ العلاقات الأردنيّة التّشيليّة، والفرص المتاحة لتعميقها واستثمارها في عديدٍ من القضايا الدّوليّة المشتركة، بالإضافة الى كلمات، ومخاطبات، وعروض تقديميّة قدّمها خبراءُ وأكاديميّون من الجانبين كليهما، تحدّثت عن عمق العلاقات الأردنيّة التّشيليّة، ومتانتها، وآفاق توسيعها.