أوصت ورقة متخصّصة بضرورة دراسة نظام التعاقد من الباطن في قطاع الغزل والنسيج بشكل معمّق لتحديد إيجابيّاته وسلبيّاته، مع وضع آليّات فعّالة للتظلّم والشكاوى لضمان حماية العاملين، وتعزيز الوعي لدى العمّال الأردنيّين والمهاجرين حول حقوقهم وواجباتهم، وتوفير قنوات واضحة لتقديم الشكاوى داخليًّا وخارجيًّا تساعد العمّال في الحصول على حقوقهم.
كما أكّدت الورقة الصادرة عن "تمكين"، حول طبيعة عمل المصانع في المناطق الصناعيّة المؤهّلة العاملة بنظام العقود من الباطن، وورش الخياطة الصغيرة، وحقوق العاملين فيها، على أهمّيّة وجود عقود واضحة بين أصحاب العمل الرئيسيّين والفرعيّين، مع دور للمشترين في ضمان احترام حقوق العمّال في المصانع الّتي يتعاملون معها، وزيادة وعي العمّال في قطاع الغزل والنسيج بحقوقهم وواجباتهم عمومًا.
ووفقًا لبيان صادر عن "تمكين" تشير الإحصائيّات إلى أنّ قطاع الألبسة والمنسوجات يعدّ من أكبر القطاعات الاقتصاديّة في الأردنّ، حيث يوفّر فرص عمل لآلاف العمّال. ويعمل في القطاع حوالي 77.730 عاملًا وعاملة في المناطق التنمويّة، 27% منهم أردنيّون، و73% منهم مهاجرون (معظمهم من النساء) من جنوب آسيا وشرق آسيا، أمّا المشاغل فلا يوجد عدد رسميّ لها، لكنّ غالبيّة الأرقام تشير إلى وجود 2000 مشغّل موزّعين في جميع أنحاء الأردنّ، يعمل فيها حوالي 8000 عامل وعاملة. مع ذلك، فإنّ العديد من هؤلاء العمّال يواجهون ظروف عمل صعبة، بما في ذلك ساعات العمل الطويلة، الأجور المنخفضة، وغياب الحماية الاجتماعيّة.
وجاء في البيان أنّ قطاع الألبسة والمنسوجات في الأردنّ يعدّ من القطاعات الحيويّة الّتي تؤدّي دورًا مهمًّا في دعم الاقتصاد الوطنيّ، حيث يعتمد بشكل كبير على التصدير إلى الأسواق العالميّة. مع ذلك، يواجه هذا القطاع العديد من التحدّيات الّتي تؤثّر في استقراره واستدامته، خاصّة في ظلّ التغيّرات الاقتصاديّة العالميّة.
ووفقًا للبيان يتوزّع قطاع الألبسة على تجمّعات صناعيّة مختلفة، منها المدن الصناعيّة التقليديّة مثل مدينة الملك عبداللّه الثاني الصناعيّة في سحاب، والمدن الصناعيّة المؤهّلة مثل مدينة الحسن الصناعيّة في إربد. علاوة على ذلك، تنتشر مصانع صغيرة ومتوسّطة خارج هذه المدن تعمل بنظام التعاقد من الباطن. تعتمد المصانع الكبيرة على علاقات طويلة الأمد مع العملاء والعلامات التجاريّة العالميّة، بينما تعتمد المصانع الصغيرة على العقود مع المصانع الكبيرة لتلبية الطلبات.
وقال البيان إنّ المصانع تختلف من حيث طبيعة عملها ومستوى ارتباطها بسلاسل الإنتاج والتسويق العالميّة. فالمصانع الكبيرة تعتمد على علاقات طويلة الأمد مع العملاء والعلامات التجاريّة العالميّة، حيث تبنى هذه العلاقات على تلبية متطلّبات العملاء من حيث السعر، الجودة، والالتزام بمواعيد التسليم. في المقابل، تعتمد المصانع الصغيرة والمتوسّطة الّتي تعمل بنظام التعاقد من الباطن على العقود الّتي تبرمها مع المصانع الكبيرة.
وأوضح البيان أنّ آليّة التعاقد من الباطن تعدّ إحدى السمات البارزة في قطاع الألبسة الأردنيّ، حيث تعهّد المصانع الكبيرة بجزء من عمليّات الإنتاج إلى مصانع صغيرة ومتوسّطة، ويتمثّل دور المصانع الكبيرة في الاستثمار في مراحل التصميم، التمويل، واللوجستيّات، بينما تركّز المصانع المتعاقدة من الباطن على عمليّات التصنيع مثل القصّ والخياطة والتغليف.
وأشار البيان أنّه رغم أهمّيّة هذا النظام في تأمين القدرة الإنتاجيّة للمصانع الصغيرة، إلّا أنّه يواجه تحدّيات عديدة أبرزها ضعف القدرات الماليّة والإداريّة للمصانع الصغيرة، ممّا يؤدّي إلى تأخّر صرف أجور العاملين عند تأخّر الدفعات من المورّدين الرئيسيّين، كما أنّ هذه المصانع غالبًا ما تفتقر إلى الالتزام بمعايير السلامة المهنيّة وحقوق العمّال، ممّا ينعكس سلبًا على بيئة العمل.
وحسب البيان شهد القطاع تحدّيات متزايدة خلال السنوات الأخيرة، أبرزها تأثير جائحة كوفيد-19 الّتي أدّت إلى انخفاض الطلبات الجديدة وتراكم المخزون لدى العملاء. كما تواجه المصانع الأردنيّة منافسة قويّة من دول مثل بنغلاديش ومصر الّتي تتمتّع بتكاليف تشغيل أقلّ.
وجاء في البيان إنّه رغم وجود تشريعات تنظّم العلاقة بين المقاول الرئيسيّ والمقاول الفرعيّ مثل قانون العمل الأردنيّ والقانون المدنيّ، إلّا أنّ تطبيق هذه القوانين يواجه تحدّيات على أرض الواقع، فالمصانع الصغيرة غالبًا ما تعمل دون عقود واضحة مع العمّال، ممّا يؤدّي إلى انتهاكات لحقوقهم، كما أنّ غياب خطط عمل واضحة لدى هذه المصانع يجعلها عرضة للتأثّر السريع بالأزمات الاقتصاديّة.
وأشار البيان إلى ظروف العاملين في المشاغل متناهية الصغر والصغيرة والمتوسّطة الّذين يواجهون تحدّيات كبيرة تتعلّق بغياب الحقوق العمّاليّة الأساسيّة وظروف العمل غير الملائمة، إذ يعمل هؤلاء العمّال بنظام القطعة دون أجر شهريّ ثابت، ممّا يحرمهم من الضمان الاجتماعيّ والإجازات الرسميّة والسنويّة، ويجعلهم عرضة للاستغلال، كما أنّ بيئة العمل في هذه المشاغل تفتقر إلى معايير السلامة والصحّة المهنيّة، ممّا يزيد احتماليّة تعرّضهم لإصابات وحوادث عمل؛ بسبب المعدّات المستخدمة مثل المقصّات والمكاوي. إضافة إلى ذلك، فإنّ غياب العقود الرسميّة وعدم تسجيل العمّال في النقابات أو الضمان الاجتماعيّ يشكّل انتهاكًا للقوانين، ويضعهم في ظروف عمل غير مستقرّة، ويعاني العمّال أيضًا من عدم انتظام العمل، حيث يعتمد نشاطهم على المواسم وطلبيّات السوق، ممّا يؤدّي إلى تقليص عدد أيّام العمل وأحيانًا اقتصارها على بضعة أيّام في الشهر. علاوة على ذلك، فإنّ بعض العمّال يعملون بعقود من الباطن، ممّا يزيد هشاشة وضعهم الوظيفيّ، ويؤثّر سلبًا على حقوقهم وأجورهم، إلى جانب ذلك تفتقر غالبيّة هذه المشاغل إلى الرقابة الرسميّة، حيث تفتتح في أماكن غير مهيّأة مثل أقبية الأبنية، ممّا يزيد صعوبة توفير بيئة عمل صحّيّة وإنسانيّة