في الخامس من يونيو 1967، خاض الجيش الأردني معركة شرسة في محاور متعددة ضمن حرب حزيران، وكان في قلب المعركة النقيب محمد أمين عبد الله الهندي المناصير. هذا البطل الذي كتب اسمه في تاريخ الأردن بدمه، حيث استشهد على ثرى فلسطين في معركة دبابات عنيفة في مثلث الشهداء في جنين، وتحديداً في محور جنين - نابلس، في السابع من يونيو 1967.
بداية مشواره العسكري
التحق النقيب محمد أمين عبد الله الهندي المناصير، الذي وُلد في عام 1940، بالقوات المسلحة الأردنية في سن الخامسة عشرة، وذلك في عام 1955. رغم أن لجنة التجنيد رفضت قبول طلبه في البداية بسبب صغر سنه، إلا أن عزيمته وإصراره جعلته يصرخ قائلاً: "أكبر عندكم!"، ليتم قبوله ويبدأ مسيرته العسكرية. انضم إلى سلاح المدرعات ثم إلى سلاح الدروع، وأصبح قائد سرية دبابات في كتيبة 12 التابعة للجيش الأردني، التي شاركت في معركة 1967.
معركة 1967 ودور النقيب محمد أمين
كانت المعركة التي شارك فيها النقيب المناصير واحدة من أعنف المعارك في تاريخ الأردن العسكري. في جبهة جنين - نابلس، التي كان يطلق عليها "القطاع الثالث"، تم تكليف الجيش الأردني بمهمة الدفاع عن خط الجبهة الشمالي، الممتد على مساحة 25-30 ميلاً، ضد القوات الإسرائيلية المدعومة بالطيران الحربي. في هذا القطاع، كانت قوات العدو تواجه صموداً غير عادي من قبل القوات الأردنية.
أثناء المعركة، تمكنت دبابات النقيب محمد أمين من إحداث تدمير كبير في صفوف العدو. ولكن الجيش الإسرائيلي، باستخدام حيلة خداعية، رفع علم العراق على دباباته وشن هجوماً على الموقع، مما دفع النقيب محمد أمين للخروج من مقر القيادة للرد على التهديد. وما أن نطق قائلاً: "من هناك؟"، حتى رد الجنود الإسرائيليون بنيران مكثفة أصابته، ليُصاب بجراح بالغة. وعلى الرغم من محاولة زملائه نقله إلى المستشفى، إلا أن النقيب الشهيد فارق الحياة متأثراً بجراحه بعد أن ظل ينزف طوال الليل.
تقدير القيادة والشعب
استشهد النقيب محمد أمين في معركة دبابات مميزة، حيث قاوم العدو ببسالة ونجح في إبطاء تقدمه. وقد وصف الملك الحسين بن طلال رحمه الله شجاعة النقيب الشهيد في خطاب له، حيث أشاد بمواقفه البطولية.
دفن النقيب محمد أمين في مدينة نابلس بعد استشهاده، حيث سُجّل اسمه في قلب معركة الشرف والتضحية. وكان دور كتيبة الدبابات 12، بقيادة الرائد صالح أبو الفول، محوريًا في التصدي للهجمات الإسرائيلية، وتعرضت الكثير من دباباتهم للتدمير بسبب الطيران الحربي الإسرائيلي، لكن الجنود الأردنيين استمروا في القتال ببسالة حتى اللحظات الأخيرة.
خاتمة
لقد قدم النقيب محمد أمين عبد الله الهندي المناصير حياته فداءً للوطن وللأرض المقدسة، ملاحم بطولية لن تُنسى في تاريخ الأردن العسكري. استشهد في خضم معركة لم تقتصر فقط على الدفاع عن الأرض، بل كانت أيضا معركة لإعلاء قيم الشجاعة والإيمان. رحم الله النقيب الشهيد وجميع شهداء الأردن الذين ضحوا بأرواحهم من أجل كرامة الوطن وأرضه.