حكاية نابلسية طريفة رواها لي صديقي عصمت الفارس من طلوزه قبل أكثر من ثلاثين عامًا. قال فيها إن أهل نابلس، وهم مشهورين بصناعة الكنافة على أصولها، كانوا يصنعون الكنافة في النهار بجودة أقل مما يقدّمونه في المساء، حيث يكون معظم الزبائن حينها من فلاحي القرى المجاورة. أما في المساء، فتُقدَّم الكنافة الفاخرة لأهل المدينة، في مشهد يعكس نوعًا من التمييز الطبقي.
سمع أحد الفلاحين بهذه العادة فأراد أن يتذوّق الكنافة الفاخرة. قرّر أن يبيت عند صديق له في المدينة حتى يتسنّى له تناول صحنٍ منها في المساء. وعند السهرة، استأذن مضيفه وذهب إلى أشهر محل كنافة، وهو يمنّي نفسه بتجربة طعم الكنافة الخاصة بأهل المدينة، بعيدًا عن تلك التي تُقدَّم صباحًا بجودة متواضعة.
جلس الفلاح مع بقية الزبائن، وعندما وزّع العامل الصحون على الطاولة، لاحظ أن صحنه مختلف عن صحون الآخرين. استغرب الأمر واحتجّ على الفرق الواضح بين حصّته وحصص من يجلسون حوله. نظر إلى عامل الخدمة وسأله عن السبب، فردّ عليه العامل باللهجة النابلسية:
"الكِن الكِن! ومربط الفرس هون: جِيت صباحًا أو جِيت مساءً حكيت ما حكيت... المهم في الآخر اللي بدّنياه هو يا اللي بصير" خرج الرجل تاركا الطاولة وما عليها وهو يقول : حسبنا الله ونعم الوكيل .