يعد وصفي التل أحد أبرز الشخصيات السياسية في تاريخ الأردن، حيث اقترن اسمه بالإخلاص والتفاني والعمل الجاد من أجل نهضة الوطن. شغل منصب رئيس الوزراء عدة مرات، وكان لرؤيته الإصلاحية ونهجه الوطني تأثير واضح على مسار الدولة الأردنية، مما جعله يحظى بشعبية واسعة بين أبناء الشعب.
مسيرة سياسية حافلة
بدأ وصفي التل مسيرته السياسية بتوليه عدة مناصب حكومية، حيث عمل في وزارة الخارجية، وشغل منصب سفير الأردن في ألمانيا والعراق وإيران. كما تولى رئاسة التشريفات في الديوان الملكي، ثم عُيّن رئيسًا للديوان الملكي الهاشمي، وكان عضوًا في مجلس الأعيان. لكنه برز أكثر عندما تولى رئاسة الوزراء لأول مرة عام 1962، حيث اتسمت سياسته بالحزم والتطوير، وسعى إلى تحقيق الاستقلال الاقتصادي وتعزيز قدرات الدولة.
نهجه الوطني ومواقفه الصلبة
كان وصفي التل مؤمنًا بأن الأردن قادر على تحقيق الاكتفاء الذاتي، خاصة في مجال الأمن الغذائي، فعمل على إطلاق مشاريع وطنية طموحة في القطاع الزراعي والاقتصادي، معتمدًا على فكرة أن "الأرض هي نفط الأردن". سعى إلى بناء مؤسسات وطنية قوية تجعل الأردنيين قادرين على الاعتماد على أنفسهم بعيدًا عن الضغوط الخارجية.
إلى جانب ذلك، كان يؤمن بضرورة بناء جيش قوي، قادر على حماية الوطن والدفاع عن قضاياه المصيرية، وكان من أشد المناصرين للقضية الفلسطينية، حيث شارك في العمليات العسكرية في فلسطين والتحق بالجيش البريطاني هناك، ثم تسلّم قيادة كتيبة اليرموك الرابعة، ما عزز من خبراته العسكرية.
الاغتيال ورحيل القائد
في 28 نوفمبر 1971، تعرض وصفي التل للاغتيال في القاهرة أثناء مشاركته في اجتماع لوزراء الدفاع العرب. شكل اغتياله صدمة كبيرة للأردنيين، حيث فقدوا قائدًا كان يمثل نموذجًا للنزاهة والإصلاح. لكن رغم رحيله، ظل اسمه حاضرًا في وجدان الأردنيين، وبقيت أفكاره ونهجه مصدر إلهام للأجيال.
إرث خالد في ذاكرة الوطن
يظل وصفي التل رمزًا وطنيًا خالداً، حيث كان رجل دولة استثنائياً ترك بصمة واضحة في مسيرة الأردن الحديثة. كانت رؤيته تستند إلى بناء وطن قوي ومستقل، وهي رؤية لا تزال حية في قلوب الأردنيين، ليبقى وصفي التل مثالًا للقيادة الحكيمة ورمزًا للإخلاص والتضحية في سبيل الوطن.