في ذاكرة الفن الأردني، تبقى أسماء خالدة شكلت ملامح الدراما، وعبّرت عن هوية المكان والإنسان، وكان من أبرزها المخرج والكاتب الراحل سعود فياض خليفات، الذي ترك وراءه إرثاً فنياً وثقافياً شاهداً على عبق الريف الأردني وروح البادية، وحكايات الأرض التي لا تموت.
من السلط إلى الشاشة
وُلد سعود خليفات عام 1943 في مدينة السلط، وتخرج من الجامعة الأردنية عام 1967 حاصلاً على بكالوريوس في علم النفس. جمع بين العلم والإبداع، فغاص في تفاصيل الإنسان الأردني بعمق نفسي وثقافي، وقدمها على الشاشة بواقعية فنية عز نظيرها.
الدراما عند خليفات.. مرآة للناس
تُعد أعمال خليفات مرآة صادقة لحياة الناس في القرى والمخيمات والمضارب، فجسّد في مسلسله الشهير "أم الكروم" ملامح الريف الأردني بكل ما فيه من أصالة وتحديات. كما أبدع في إخراج "وجه الزمان" المأخوذ عن رواية للروائي طاهر العدوان، والذي سلط الضوء على الدور الأردني في حرب فلسطين، بأسلوب درامي جمع بين التوثيق والإحساس.
عالم البادية والقضاء العشائري
تميز خليفات بتقديم أعمال تحاكي خصوصية المجتمع الأردني، وبرز ذلك في فيلمه "القضاء العشائري" الذي نال عنه جائزة في مهرجان شاليمار في باكستان، كما حصل على جائزة في مهرجان اتحاد الإذاعات الآسيوية في طوكيو عن فيلمه "حياة البادية".
فنان الوطن.. وذاكرة لا تُنسى
لم يكن سعود خليفات مجرد مخرج، بل كان مؤرخاً بصرياً، كتب للتاريخ بلغة الصورة، وعبّر عن هوية الوطن في أدق تفاصيلها. كان عضواً في نقابة الفنانين الأردنيين، ومعلّماً لأجيال من الفنانين والمخرجين الذين تتلمذوا على رؤاه وصدق فنه.
الرحيل.. وغياب الجسد فقط
توفي خليفات في 7 أغسطس، تاركاً وراءه فراغاً كبيراً في الساحة الفنية، إلا أن أعماله لا تزال تُعرض وتُدرّس وتُحكى، لتبقى روحه حاضرة في كل مشهد يروي حكاية من تراب الأردن.