في زحام الحياة، حين نتأمل الأحلام والطموحات، لا بد أن نستحضر تلك الثلاثية التي تصنع الفرق: الإرادة، العزيمة، والإصرار. كم منّا يحاول تسلّق قمم النجاح، لكنّه يتعثّر في الطريق؛ لا لأنه يفتقر إلى القدرات، بل لأنه يبوح بكل ما لديه، فيفقد دهشة الوصول وسرّ التميز.
ليس كل ما يُعرف يُقال، وليس كل طريق ممهد يستحق أن يُكشف. فبعض الأسرار قوتها في كتمانها، وبعض الخطوات تكتمل حين تكون بصمت. إنّ الحديث المستمر عن الإنجازات قبل اكتمالها، يعرّضها للانهيار أحيانًا، لا بسبب ضعفها، بل بسبب عيون لا تتمنى الخير، أو نفوس اعتادت الحسد والنميمة.
لماذا لا نقول "ما شاء الله" حين نرى شيئًا جميلاً؟ لماذا نغفل عن الدعاء بالبركة بدلًا من الغل والحقد؟ إنّ الاحترام لا يكون فقط بالكلمات، بل في حفظ خصوصيات الناس، وفي الابتعاد عن تتبّع أخبارهم ونشرها دون وعي أو مسؤولية.
علينا أن نعود إلى أنفسنا، أن نربّي أبناءنا على فضيلة السكوت الحكيم، وعلى أن يحلموا بصوت منخفض، ويعملوا بصمت، ويظهروا نتائجهم فقط حين يحين الوقت. فالنجاح لا يحتاج ضجيجًا.. بل يحتاج نضجًا.
الناس صنفان: من يفرح لنجاحك، ومن يُخفي غيظه خلف ابتسامة زائفة. فكن ممن يعمل في الخفاء، ويدع أفعاله تتحدث عنه. وعلّم من حولك أن الاحترام يبدأ من احترام مساحات الآخرين، وأنّ الطموح لا يتناقض مع التواضع، بل يكتمل به.
وفي زمنٍ باتت فيه الخصوصية عملة نادرة، كن أنت المختلف، الحافظ لأسرارك، المُبارك لغيرك، المُؤمن بأنّ الصمت في بعض المواقف.. حكمة.