غزة ليست مجرد رقعة جغرافية محاصرة، بل هي قصة تُروى في كل بيت وحارة، في كل دمعة أمّ، وفي كل ضحكة طفل رغم القصف. غزة ليست مأساة، بل معجزة صمود؛ قطعة من الأرض تمشي على جمر الحرب وتزهر بالحياة.
في كل زاوية من غزة حكاية، تبدأ بركام بيت وتُختتم بيد صغيرة ترفع علمًا. هناك، لا تُقاس الحياة بعدد السنوات، بل بعدد المرات التي نهض فيها الناس من الرماد، ونفضوا الغبار عن قلوبهم، وقالوا للعالم: "نحن باقون".
أهل غزة لا يملكون ترف الرفاهية، لكنهم يملكون ما هو أثمن: كرامة لا تُشترى، وإرادة لا تُكسر. هم الذين يصنعون من الحصار فرصة للإبداع، ومن الألم طريقًا للأمل، ومن كل شهيد منارة لأجيال قادمة.
في غزة، الحصار ليس فقط جغرافيًا، بل نفسيًا، اقتصاديًا، إنسانيًا. ومع ذلك، ترى الوجوه باسمة، والقلوب متعلقة بالسماء، والأيدي تبني، ولو من العدم. ترى معلمًا يُدرّس بلا راتب، وطبيبًا يعالج بلا معدات، وأمًا تطبخ الأمل على نار الصبر.
غزة ليست وحدها، لأنها تحمل قضية أمة. لكن الأكثر دهشة أنها، رغم وحدتها، لم تستسلم يومًا، بل كانت دائمًا في مقدمة الشهداء والمقاومين، تعلم الجميع معنى أن تكون حرًّا، حتى في سجون العالم الكبير.
حين تنظر إلى غزة، لا ترى فقط الدمار، بل ترى في أعين أبنائها بذور الانبعاث. ترى في حجارتها المنهارة معالم لنهضة جديدة، وفي أنينها دعاءً لا يغيب عن السماء.
غزة لا تموت، لأن في كل مرة تُقصف، تولد من جديد. إنها باختصار: المدينة التي تُحاصر العالم بأخلاقها، وتُربك الظلم بثباتها.