قال الخبير العسكري، العميد الركن المتقاعد أيمن الروسان إن المخطط الإرهابي الذي أحبطته الأجهزة الأمنية نُسِجَ من قبل شبكة تمتد جذورها خارج الحدود، وتتغذى على خطاب تكفيري متشدد، مستهدفة البنية المؤسسية للدولة ومحاولة المساس بالمجتمع من خلال تفخيخ الفضاء العام بأجندات متطرفة ذات بعد تخريبي مباشر. وأوضح أن الخلية الإرهابية – ووفقًا للمعطيات - كانت تُدار بتنسيق ممنهج مع جهات إقليمية فاعلة في مشهد النزاعات العابرة للدول، وتعمل وفق تكتيك "الخلايا النائمة" التي تنشط في بيئات يُعتقد خطأً أنها مستقرة.
وبيّن الروسان أن هذا التطور الأمني الخطير يُقرأ ضمن سياق جيوأمني ملتهب، تُطوّق فيه المملكة بجوار جغرافي تتعدد فيه مصادر التهديد وتتقاطع فيه المصالح الخارجية، فمن الشمال، تشكّل الحدود السورية الممتدة على طول 378 كيلومترًا ثغرة استراتيجية مفتوحة، نتيجة للانفلات الأمني المستمر، وارتفاع وتيرة تهريب المخدرات والأسلحة والتسلل المنظم من قبل مجموعات مسلحة ذات ارتباطات استخباراتية، ومن الشرق، لا يزال العراق يشهد اختلالات أمنية وهيكلية جعلته بيئة خصبة لتكاثر الجماعات الخارجة عن القانون، أما من الغرب، فهناك تماس جغرافي – سياسي حساس مع إسرائيل، مقرون بتعقيدات القضية الفلسطينية وتداعيات العدوان المتواصل على قطاع غزة، بما لذلك من انعكاسات عاطفية، وأحيانًا تعبوية، على الرأي العام الأردني.
وذكر أن الدولة الأردنية تواصل نهجها الأمني الاستباقي، القائم على فلسفة الكشف المبكر ومنع التهديد قبل تحققه، وهو ما تجلّى بوضوح في العمليات التي نفّذتها الأجهزة الأمنية خلال السنوات الماضية، والتي أسفرت عن كشف وإجهاض عدة خلايا إرهابية، كان أبرزها تلك التي ارتبطت بعمليات الكرك وإربد، وما أعقبها من محاولات لاستنساخ سيناريوهات مشابهة. ولعلّ ما يضاعف من خطورة المخطط الأخير أنه لم يكن مجرد محاولة عشوائية أو تحرك فردي معزول، فقد جاء ضمن استراتيجية تصعيدية منظمة، تهدف إلى إعادة تموضع الجماعات التكفيرية في عمق الدولة، عبر تجنيد عناصر شبابية وتخزين كميات ضخمة من الأسلحة والمواد المتفجرة، في محاولة لاختراق الحصانة الأمنية التي تتمتع بها المملكة،
ونوّه إلى أن ما تحقق يُعد نموذجًا متقدّمًا في العمل الاستخباري الوقائي رغم جسامة التهديد، فهو يُبرز مستوى التنسيق المحكم بين الجهات الأمنية المختلفة، ويعكس احترافية مؤسسية متنامية في معالجة التهديدات غير التقليدية، سواء كانت في بعدها العسكري، أو المعلوماتي، أو السيكولوجي. وأكد الروسان أن التعامل مع هذه التنظيمات لا يمكن أن يكون أمنيًا فقط، إذ يجب أن يتكامل مع منظومة وطنية شاملة تُعنى بتجفيف منابع التطرف، وتعزيز الوعي المجتمعي، ومواجهة خطابات التجهيل والتهييج، التي كثيرًا ما تشكّل الممرّ الأول نحو التطرف، تحت شعارات خادعة ومضلّلة.