الأردن، بلدًا وشعبًا، لا يحتمل أي تقسيم جغرافي أو ديموغرافي، خاصة في ظل ما نشهده من تغول غير مسبوق من قِبَل الكيان الصهيوني وداعميه، إلى جانب تراجع قدرات المجموعة العربية وتأثيرها في صناعة القرار.
نحن نسير اليوم على خيطٍ أدق من شفرة السيف وأوهى من نسيج العنكبوت. ومن يعود إلى أحداث الماضي، يدرك أن هناك من يجيدون صناعة الخلاف من أبسط الاختلافات. وأقرب مثال على ذلك نشأة تنظيم داعش، الذي رفع شعارات "نصرة الأمة" وخدع بها الآلاف من الشباب المغرر بهم، يقودهم خريجو "جامعة حيفا الإسلامية" ـ كما سُمّوا تهكمًا ـ فإذا بهم يتحولون إلى معاول هدم وتشتيت للأمة، ويوفرون الذرائع للعدو لمزيد من الاحتلال والعدوان على الأرض العربية، في سوريا والعراق والتصريح باطماعهم في اراضي الاردن ومصر والسعودية.
أحمّلُ هنا وسائل الإعلام العربية قسطًا كبيرًا من المسؤولية، لفشلها في الوصول إلى وعي الشباب وتحصينهم، واكتفائها بعروض سطحية باهتة، خلّفت فجوة استغلّتها قنوات ومواقع موجهة، جذبت مشاعر الشباب واستحوذت على وعيهم، فأعرضوا عن إعلامهم الوطني ولم يقتنعوا به.
لذا، فإن إعادة الثقة بالإعلام الوطني باتت ضرورة لا تحتمل التأجيل. ويستلزم ذلك إعادة تشكيل وقيادة استراتيجية إعلامية جديدة، تقوم على الجدية في الطرح، وإشراك الكفاءات الوطنية من الأحرار القادرين على قيادة مرحلة إصلاح حقيقية. فالوضع جد خطير، خاصة في ظل التشوهات التي أصابت المسار الوطني منذ سبعينيات القرن الماضي، ولا سبيل لتجنب الانزلاق نحو حروب أهلية مدمرة إلا بالإصلاح الحقيقي.
حمى الله الأردن، أرضًا وشعبًا وقيادة، وهدانا جميعًا إلى سواء السبيل.