تمرّ الأوطان أحيانًا بلحظاتٍ مفصلية تضع شعوبها أمام اختبارٍ صعب، يتطلّب أن يكون صوت الحكمة أعلى من ضجيج الانفعال، وأن يتقدّم العقل على العاطفة، والوحدة على الخلاف. في هذه اللحظات، لا نحتاج إلى مزيدٍ من الاصطفافات أو الاتهامات، بل إلى أن نترك الأمر للقضاء، ولأجهزتنا الأمنية، ولقِيادتنا الحكيمة والرشيدة.
نعم، نحن جميعًا في خندقٍ واحد، لا فرق بين مواطنٍ وآخر حين يتعلّق الأمر بمصير الوطن. لا مجال للمزايدات في حبّ الوطن، فهو يسكن في قلوب الجميع، بمختلف أفكارهم وتوجّهاتهم. وما يجمعنا أكثر ممّا يفرّقنا، والتاريخ يشهد أن الأوطان لا تُبنى بالصراخ، بل بالتفاهم، ولا تُصان بالعناد، بل بالحوار.
في الأزمات، يظهر المعدن الحقيقي للشعوب، ويبرز دور النخب، لا لتأجيج المشاعر، بل لقيادة الناس نحو برّ الأمان. فالوطن لا يحتاج إلى متفرّجين، بل إلى فاعلين مخلصين، يسهرون على وحدته، ويحرسون نسيجه الاجتماعي من التمزّق.
فالوطن أكبر من الجميع، ومصلحته العليا تستحق أن نقدّم من أجلها، وأن نكفّ عن التصعيد، ونعود إلى لغة العقل.
ليكن هذا النداء دعوةً لكل صاحب رأيٍ وقرار، لكل إعلامي ومواطن، لكل من له تأثير – صغيرًا كان أم كبيرًا – أن يتحدث بلسان الوطن، ويعمل من أجل وحدته واستقراره. فالوطن لا يبنيه إلا أبناؤه، ولا يحميه إلا إخلاصهم.