في رحاب الوطن الأردني، برزت شخصيات وطنية تركت بصمتها في مختلف ميادين العمل العام، وكان من بين هؤلاء معالي الشيخ مجحم حديثة الخريشا، الذي عرف بـ"أبو مالك"، شيخٌ لا يُرد له طلب، وصوت العقل في زمن التحولات.
ينتمي الخريشا إلى قبيلة بني صخر، إحدى أكبر وأعرق القبائل الأردنية، وُلد عام 1944 في منطقة الموقر، وتلقى تعليمه الجامعي في جامعة دمشق، حيث حصل على شهادة البكالوريوس في علم الاجتماع، لتكون بداية لمسيرةٍ طويلة في خدمة الدولة والمجتمع.
المسيرة الوظيفية والسياسية
بدأت مسيرة الخريشا في دائرة التشريفات الملكية، ثم شغل منصب مدير مكتب سمو ولي العهد، ليكون شاهدًا على محطات هامة في تاريخ الدولة الأردنية. تقلد مناصب عديدة، أبرزها محافظ البلقاء، ومستشار لرئيس الوزراء، ثم وزيرًا للزراعة في حكومتي الدكتور عبد السلام المجالي والدكتور فايز الطراونة، حيث تميز بإدارته الحكيمة واهتمامه بقضايا البادية والريف.
كما كان عضوًا في مجلس النواب في دورتيه الخامسة عشرة والسادسة عشرة، وشارك في لجان الزراعة والمياه والتوجيه الوطني، وعبّر عن نبض الشارع البدوي بمواقف وطنية راسخة.
العمل الحزبي والمجتمعي
يعد الخريشا من المؤسسين الأوائل لحزب التجمع الأردني، وساهم لاحقًا في تأسيس الحزب الوطني الدستوري وحزب النهضة، مؤمنًا بأهمية العمل الحزبي المنظم في دعم مسيرة الإصلاح السياسي.
إلى جانب العمل السياسي، كان له دور فاعل في مؤسسات المجتمع المدني، ومنها جمعية أبناء البادية، وجمعيات الشؤون الدولية والثقافة الإسلامية، فضلًا عن عضويته في مجالس أمناء عدد من الجامعات الأردنية.
رجل التوازنات والاحترام
عرف عن الخريشا دماثة الخلق، وهدوء الطبع، وسعة الأفق. لقب بـ"شيخ لا يُرد له طلب"، في إشارة إلى مكانته الاجتماعية والسياسية، واحترامه بين العشائر والقيادات. كان وسيطًا في كثير من القضايا، ومرجعية في الحكمة والحوار.
لا يُذكر اسم مجحم الخريشا دون أن يقترن بالثقة، والانتماء، وخدمة الوطن. هو أحد أعمدة الدولة الذين حافظوا على توازن العلاقة بين الدولة والبادية، وقدموا نموذجًا يحتذى به في العمل العام النزيه والهادئ.