عندما توضع بين خيارين وتُجبر على اتخاذ قرار، تبدأ حكايتك الحقيقية، تلك التي تتجاوز حدود المنطق وتصنَّف من نسج الخيال.
لكن، أليس الخيال أحيانًا بوابة إلى الحقيقة؟
في لحظة شرود، حين يرتحل عقلك إلى اللاوعي، تكتشف أن مفاتيح الحياة بين يديك. تظنها وساوس، وربما تسميها ضلالًا تقنيًا، لكنها في جوهرها إدراك عميق لما خُفي من حقائق. هناك، في عمق الذات، يولد السؤال: لماذا أنا هنا؟ ولماذا الآن؟
لعلنا ننسى أن وجودنا ليس عبثًا، وأن لكل توقيت مغزى، ولكل حدث رسالة، حتى وإن غلفته المآسي. نعم، قد تتوالى الصراعات وتضيع البوصلة، لكن وحدها العودة إلى الداخل، إلى الذات، قادرة على إعادة التوازن.
في كل منعطف، تهاجمك تساؤلات مربكة: ماذا لو كنت في وظيفة أخرى؟ هل كان قدري سيتغير؟
ربما كنت طيارًا، لكنك الآن تبيع المكسرات في أحد الممرات. وربما درست الهندسة، لكنك تنقل الخشب بين القطارات. لا فرق كبير. فالتاجر، والمهندس، والسمكري، وعامل البناء... كلهم يؤدون دورًا في مسرح الحياة.
الفارق الحقيقي؟ في وعيك. في إدراكك لذاتك، لهدفك، ولسبب وجودك.
تحرر من قيود الخوف، من سلاسل الكراهية والضغينة. لا تجعل أفكار الآخرين مرآتك، ولا تسمح لآرائهم أن تحدد مصيرك. فالحساب يومٌ فردي، تُسأل فيه عن نفسك وحدك: عمرك، وقتك، مالك، وعملك.
ابدأ الآن، لا تؤجل. اجعل من ذكرياتك السيئة منبرًا للحكمة لا مصدرًا للحزن. امنح مشاعرك وقتها، لكن لا تسكنها.
وقل: اللهم أعني على حسن عبادتك وطاعتك. فالله كريم، ويومك جميل، ما دام قلبك معلق به.
نحن زوّار في هذه الحياة. لا صاحب يدوم، ولا أخ، ولا حتى والدان. وحده الله يبقى، بوجهه الكريم وجلاله العظيم.