في زحمة الأسماء والمناصب، يظل بعض الرجال علامات فارقة في ذاكرة المجتمعات، لا بمناصبهم فقط، بل بأخلاقهم ومواقفهم. ومن هؤلاء الرجال، يبرز اسم فواز الزيدان الصخري "أبو محمد"، الذي يُعد نموذجاً مشرفاً للقبائل العربية، ومعلماً من معالم الأردن بلا مبالغة.
شغل أبو محمد منصباً مرموقاً في الدولة، وكان طوال فترة خدمته مثالاً يُحتذى به لكل من ينتمي للبادية الأردنية، ولكل صاحب ضمير حي في العمل العام. لم يكن مكتبه مجرد مساحة إدارية بل تحول إلى ديوان مفتوح، يؤمه الناس من مختلف المناطق، يجدون فيه الترحاب قبل السؤال، والكرم قبل الإجراءات.
ما أن يدخل ضيف على أبو محمد، حتى يبادره بالتحية الصادقة، ويترك مكتبه ليقدم له التمر ويصب له القهوة بيده، قائلاً له بكل تواضع: "اجلس هنا، سأكمل أوراقك وأعود إليك". بهذه العبارات البسيطة والمواقف الكبيرة، سطّر الصخري نهجاً إنسانياً فريداً في التعامل، جعل منه رمزاً للكرم والتواضع والإخلاص.
ورغم تقاعده، لا يزال أبو محمد قبلة لكل صاحب حاجة، ومقصداً لكل كريم، ومنبراً لكل ثناء. لم تغيّره المناصب، ولم يغيّبه التقاعد، بل بقي كما عهدته القبائل: سنداً لمن لا سند له، ومثالاً يحتذى به في السلطة وخارجها.
فواز الزيدان الصخري ليس مجرد اسم في سجل الوظائف، بل هو مدرسة في القيم، ورسالة حية تقول إن المناصب تزول، ويبقى أثر الرجال.