في مثل هذه الايام غادر عطر مليح على موعد الصلوات لا زلت ارى طيفه يعبر الطريق
صاحب الابتسامة الودودة والدافئة
ابو أنور من الأصدقاء الذين وان رحلوا فانهم لا يرحلون من القلوب .
البسام " سلام على الغائبين ومعهم حجج الغياب " .
أيها الحبيب القريب الاريحي الوقور ؛ هل من أوبة بعد الغياب !؟ .
" رمى الموت ، ان السهم صابا ومن يدمن على رمي اصابا
وكنت العيش متصلا ولكن تصرم حين لذ وحين طابا " .
الصديق والاخ الاكبر والمدرب القدير والجار العزيز الذي لم استيقظ بعد من هول فاجعته ، كانت الفاجعة على قلبي اثقل من جبليّ مليح معا " العاصي والعلاقي " .
غادر حبيب مؤتة....!! ، ما دار بيننا حديث الا وتلاميذ مؤتة اول الحضور ، كانوا جميعا احباب قلبه ، وان كانت كواكب فرسان زيد بن حارثة الفوج الاول والثاني لهم الحظوة الكبرى ، فهم ابناء البدايات ، ثم جعفر بن أبي طالب ، وعبدالله بن رواحة ، وخالد بن الوليد .
كان يستعرض اسمائهم ، ويسألني عنهم واحد واحد ، وكان يقف طويلا عند بعض الاسماء ،... ما اخبار السرحاني محمد قدر كان صاحب لسان عذب ... فابتسم واقول له ، لسانه الذي يقطر الشهد اوصله الى شاطئ الراحة لتتضوع قصائده في ارجاء وطننا العربي الكبير ، ولقد اسقبلوه اهله في الجوف اسقبال الامراء ، فكان البسام يبتسم وكأنه يفرح لابنه انور ، ... ما اخبار الحسني محمد علي سويلم لقد كان شديد الذكاء ولمّاح ، فابتسم واقول له تقيم المدرب القدير لا يخيب ، الحسني محمد علي سويلم الخلايلة الان استاذ دكتور وفقيه قانوني ورئيس جامعة ، فأرى في وجه ابو انور فرحة لا تضاهى مع تمتمات تبارك الرحمن ... ويسألني عن ياسر الفلاحات ، صبح الفقهاء ، فراس الرواشدة ، عادل الربطة ، هاني الرواحنة ، ويقول بارتياح كانوا قرايبي يستروا الوجه ، ولطالما تحسر على فواز ، وضرب كفا على كف ويقول غادر ابو هاشم على عجل .
كم كان يفرح حينما يوكل الى فرسان مؤتة راية لواء او فرقة او رئيس هيئة ، وكم كان يتألم لمصاب ابناء مؤتة .
ابو انور الرجل الذي تعرفه الطرقات الى المساجد والى الواجبات الاجتماعية المختلفة ، لسانه وقور لا يتضوع الا بالطيبات من روائع الحكم .
البسام ابن اللواء الهاشمي ، حارس النهر والضفتين ، لطالما القى تحية المحبة على الجسرين وعلى طود صرطبة ، الذي يأخذ المدى بناظريه من اقصاه .
البسام ابن اللواء الهاشمي الذي يعرف الطريق إلى نابلس والى القدس كما يعرف الطريق الى عمورية ، هم ابناء الجيش العربي قاموسهم عربي ، حفظوا نشيد العروبة في المدارس " بلاد العرب اوطاني " وذهبوا إلى الجيش ، وفي قلوبهم معجم العروبة الواسع من طنجة الى راس الخيمة ، جغرافيا على اتساعها ورحابتها ، جسّدها جيشنا العربي قولا وفعلا .
يا ابا انور ، ثمة أُناس " عصيون على الغياب ، عصيون على النسيان "
" بعض الغياب حضور في مشاعرنا كم يسكن القلب اقوام وان غابوا " .
اللهم افسح له في قبره مد بصره ، وافرش قبره من فراش الجنة .
لا زلت الوم نفسي لِمَ لم اخذ صورة بمعية العزيز ابو انور في كل جلساتنا الغفيرة ، لكن ؛ حسبي انني كتبت له في حياته ما بجعبتي من ود ومحبة وان كانت قاصرة لم توفيه حقه من الحب والوقار .
البسام ؛ زناد الميدان .
الطفولة كانت ما بين عمورية ومليح والمستراح في الغدو والرواح " معلقة " الوادي الكبير .
هذا مدربي ولا فخر فليرني كل منكم مدربه .
هذا من علم أصابع الأفواج الاقحاح الضغط على الزناد .
هذا السمهري الممشوق بالشموخ تعرفه مواكب أفواج فرسان مؤتة من الفوج الأول حتى السادس ، نعرفه ونعرف غضبته وانشراحه ، الجاد في القول والتدريب والأفعال ، الصبور الوقور ، المرتجز بداية كل حصة " ان السلاح جميع الناس تحمله وليس كل ذوات المخلب السبع " .
جميل الكفاوين ، وبسام السنيد ، ومفرّح الطراونة ، وأحمد المزاري ... ومزيد من المدربين لا تسعفني الذاكرة لذكرهم ، سواعد تعشق السلاح والزهاب والمدى ، وأول أبجدياتنا للرماية ومهارة الميادين ، نقول لهم في طالع كل شمس :
" والمشرفية لا زالت مشرّفة دواء كل كريم أو هي الوجعُ
وفارس الخيل من خفت فوقرها في الدرب والدم في اعطافها دفعُ
واوحدته وما في قلبه قلق واغضبته وما في لفظه قذعُ
تغدو المنايا فلا تنفك واقفة حتى يقول لها عودي فتندفعُ " .
ابو أنور ابن اللواء الهاشمي ، وزميل من ارخصوا الأرواح على مشارف رام الله والقدس ، وزميل من كسروا اسطورة الجيش الذي لا يقهر في كرامة العز ، هذا ابن الشريعة والمخاضات والكتارات ، هذا ابن الثغور والمراقبات والخفارات التي تحرس الثغور بلا وسن ، هذا ابن اللواء الهاشمي .
" الا أيها السيف الذي ليس مغمدا ولا فيه مرتاب ولا منه عاصمُ
حرقت الردينيات حتى طرحتها وحتى كأن السيف للرمح شاتمُ
تدوس بك الخيل الوكور على الذرى وقد كثرت حول الوكور المطاعم " .
فرسان مؤتة الكرام حيو معي زناد الميدان " ابو أنور " القائل بداية كل " هرشة ميدان " العين التي لا تغمض عن الكتاب عليها ان لا تغمض عن الزناد ، فإن العدو غادِر " .
" يا خيل مؤتة اصهلي بصهيلها ان الكرام على الكرام تجودي
يا مؤتة الشرف الاعز مكانة ان الشهادة بدؤها بسجودِ " .
طول العمر وموفور الصحة والعافية ان شاء الله للمدرب القدير والجار العزيز بسام سلامة السنيد ابو أنور ، ولكل الزملاء المدربين .