في أروقة الأمم المتحدة، دوّى صوت جلالة الملك عبدالله الثاني بخطاب استثنائي وصفه المتابعون بأنه "خطاب زلزل العالم"، إذ جاء ليضع النقاط على الحروف في قضية فلسطين التي حملها جلالته على عاتقه في كل المحافل الدولية، مؤكداً أن إنهاء الاحتلال ليس مطلباً عادياً بل هو واجب إنساني وتاريخي.
جلالته شدد في كلمته على أن قيام الدولة الفلسطينية ليس منّة ولا مكافأة، بل حق أصيل لا جدال فيه، مضيفاً أن هذا الحق هو أساس السلام العادل والشامل، وفق قرارات الشرعية الدولية والقانون الدولي. وقال: "هذا هو حل الدولتين، الذي يضمن قيام الدولة الفلسطينية المستقلة القابلة للحياة وعاصمتها القدس الشرقية، إلى جانب دولة إسرائيلية آمنة تعيش بسلام مع جيرانها".
ولم يخفِ الملك خيبة أمله من السياسات الإسرائيلية الحالية، مؤكداً أن التمسك بالاعتقاد الواهم بأنها شريك راغب في السلام لم يعد مقبولاً، مشيراً إلى أن أفعالها على أرض الواقع تهدم كل الأسس التي يمكن أن يُبنى عليها أي حل، بل وتدفن عمداً فكرة الدولة الفلسطينية.
كما أطلق جلالته تحذيراً من خطورة الدعوات الاستفزازية للحكومة الإسرائيلية التي تنادي بما يسمى "إسرائيل الكبرى"، مبيناً أن هذه الطروحات لا يمكن أن تتحقق إلا بانتهاك صارخ لسيادة الدول المجاورة، وهو أمر غير مقبول على الإطلاق.
وعلى الصعيد الإنساني، أكد جلالته أن الأردن سيبقى في طليعة الدول المستجيبة لمعاناة أهلنا في غزة، مشيداً بجهود منتسبي القوات المسلحة الأردنية في تقديم العون الإنساني والإغاثة الطبية والغذائية، حيث يمثل الأردن المركز الرئيسي للاستجابة الإنسانية الدولية، بالتعاون مع شركائه الإقليميين والدوليين.
الملك عبدالله الثاني لم يكتفِ بتشخيص الواقع، بل أعاد صياغة الوعي العالمي تجاه فلسطين، حيث قال: "على مدى العامين الماضيين رأينا ضمير العالم يتحرك، وشهدنا شعوباً من كل ركن في العالم تؤكد بشجاعة وبصوت واحد أن الوقت قد حان لإنهاء الاحتلال".
بهذا الخطاب، جسّد جلالته قلب الأمة النابض، وعبّر بصوت الملايين من العرب والمسلمين وأحرار العالم، مثبتاً أن الأردن، رغم التحديات، سيبقى الحصن المنيع لفلسطين والمدافع الصلب عن حقوقها التاريخية المشروعة.