يمر العالم بمنعطف خطير تتقاطع فيه الأزمات وتتشابك الخيوط السياسية والعسكرية في مشهد يعيد رسم خريطة النفوذ العالمي. فبين الشرق الأوسط وأمريكا اللاتينية، تتشكل ملامح صراع واسع ينذر بمواجهة تمتد من الخليج إلى الكاريبي، وسط عجز دولي عن احتوائها.
في الشرق الأوسط، لا تزال حرب غزة تمثل الشرارة الأخطر في النظام الدولي، بعدما تحولت من صراع إقليمي إلى ساحة اختبار لإرادة القوى العظمى. المبادرات السياسية تتكاثر، لكن الميدان يقول العكس، إسرائيل ماضية في عملياتها، والولايات المتحدة عاجزة عن فرض حلّ متوازن، فيما تتزايد المؤشرات على احتمال توسع المواجهة نحو إيران. التحركات الأمريكية في مياه الخليج واستدعاء جنرالات من قواعد آسيوية وأوروبية تعزز التكهنات باستعدادات عسكرية محتملة.
وفي المقابل، تتصاعد في أمريكا اللاتينية مؤشرات مواجهة أخرى بين واشنطن وكاراكاس، بعد إعلان الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو حالة الطوارئ والتعبئة العامة، إثر رصد تحركات بحرية أمريكية ضخمة في البحر الكاريبي. وبينما تبرر واشنطن تلك التحركات بأنها "عمليات لمكافحة المخدرات”، يرى مراقبون أن الهدف الحقيقي هو السيطرة على النفط الفنزويلي واحتواء النفوذ الروسي والصيني في المنطقة.
أما في آسيا، فتواصل الصين محاولاتها لاستعادة تايوان عبر تدريبات متكررة وحصار جزئي للجزيرة، بانتظار لحظة انشغال واشنطن بصراعات متعددة، لفرض أمر واقع يعيد رسم موازين القوى في الشرق الأقصى.
إن تداخل هذه الملفات يعكس لحظة فارقة في التاريخ الدولي؛ فالأزمات لم تعد معزولة، بل مترابطة بخيط واحد يشد أطراف العالم نحو توتر شامل. ومع تصاعد الخطاب بين واشنطن وموسكو وطهران وبكين، يبدو أن العالم يسير نحو اختبار حاسم سيحدد شكل النظام العالمي القادم بين ولادة توازن جديد للقوى، أو انفجار يعيد ترتيب كل شيء من الصفر.