مبادرة معالي مازن الفراية لم تطرح كقرار وأنما وجهة نظر تستحق التقدير والإنصاف، فهي خطوة حكيمة وجريئة تعبر عن وعي رسمي راقي بالواقع الاجتماعي والاقتصادي الذي يعيشه المواطن الأردني اليوم.
مبادرة تسعى إلى إعادة الاعتدال والرصانة إلى عاداتنا في الأفراح والأتراح، وتغرس روح البساطة والتكافل بدل التفاخر والمغالاة التي أنهكت الناس وأرهقت الجيوب.
ورغم ما تحمله من نبل وإنصاف للناس، إلا أن الهجمة والمداخلات الحادة التي يتخللها العنف اللفظي في بعض الأحيان تثير الدهشة!
فمعالي مازن الفراية، قبل أن يكون وزيراً، هو ابن هذا المجتمع ويشبهنا، يعرف تفاصيل حياتنا، ويدرك أعباء الناس وهمومهم عن قرب.
أليس من حقه أن يطرح مبادرة اجتماعية تواكب الواقع وتخفف الأعباء؟
ألم نكن نحن من طالب، في مجالسنا وجلساتنا، بوقف الإسراف وتقليص المهور وتخفيف الجاهات والعزاءات؟
لقد أصبح العزاء اليوم للأسف أقرب إلى السمر والسهر والضحك، لا إلى الخشوع والدعاء واحترام شعور المصاب .
تبدل الهدف، وضاعت الهيبة، وتحولت المواساة إلى مظاهر، والرحمة إلى منافسة في رصف الكراسي الوثيرة والسجاد والمدافئ والتبريد ، والمباهاة في عدد المناسف وأحجامها.
ارحموا أبناءكم الذين أنهكتهم تكاليف المظاهر، واعفوا الشباب من سباق المباهاة الذي لا يورث إلا الديون والهموم.
فكيف يطلب من رجل راتبه أقل من أربعمئة دينار أن يتحمل نفقات عزاء أو جاهة تتجاوز قدرته أضعافاً؟
هل يعقل أن يلجأ إلى البنوك والمصارف ليغطي كلفة مناسبات تخالف الهدى الرباني والتوجية النبوي وتغضب الله ولا ترضي العقل؟
لنكن جميعاً عوناً لهذه المبادرة الوطنية، ولنعد إلى جذورنا الأصيلة التي تعلي قيمة الإنسان على المظاهر، وتضع النية الطيبة والرحمة فوق كل ما سواها.
هكذا نرتقي بمجتمعنا، وهكذا نحفظ كرامة بيوتنا وأبنائنا، الذين يعانون من البطالة وغلاء الأسعار وضيق الحال.
خاتمة القول أن خير من يبدأ بتطبيق هذه المبادرة هم الميسورون، ليكونوا قدوة للفقراء وذوي الدخل المحدود، لا أن يجاروا الأغنياء خوفاً من الانتقاد أو بحثاً عن المظاهر.