في زمنٍ امتلأ بالظلام والدم، كان صالح أحد الأنوار القليلة التي أبت أن تنطفئ. لم نعرفه عن قرب، ولكننا عرفناه من خلال صدقه، من خلال صوته الذي نقل معاناة الشعب الغزّاوي بأمانة وجرأة، ومن خلال صورٍ كانت أقوى من آلاف الكلمات.
صالح لم يكن مجرد صحفي، بل كان ضميرًا حيًا في قلب الميدان، يرافق الناس في خوفهم، وينقل للعالم صرخاتهم، مؤمناً أن الحقيقة لا تموت، حتى وإن مات من ينقلها. كان يأمل أن يرى يوماً تنطفئ فيه نيران الحرب، وأن يفرح الأطفال بسلامٍ طال انتظاره.
لكنّ القدر كان أقسى من أحلامه، فبعد أن سكتت أصوات المدافع، باغته الغدر، وقتله من لا يعرفون معنى الإنسانية. خانوه بعد أن وهبهم صوته، خانوه وهو الذي حمل الكاميرا بدلاً من السلاح، والحقيقة بدلاً من الخوف.
يا صالح، عندما سمعنا خبر رحيلك، لم تبكِ العيون فقط، بل بكت القلوب. بكينا لأنك كنت تحلم لأجل غزة، وتبكي لأجل شهدائها. رحلت وأنت مؤمن أن الكلمة يمكن أن تهزم الرصاصة، وأن الوطن يستحق التضحية.
وداعاً يا صالح... يا من كنت شاهدًا على الحقيقة، وستبقى في ذاكرة الوطن رمزًا للشرف والصدق والوفاء.