ان مبادرة وزير الداخلية الاخيرة جاءت لتعيد ترتيب اولوياتنا الاجتماعية وتذكرنا بجوهر القيم الاردنية الاصيلة.
فالتقاليد والعادات في وطننا لم تعرف يوما بالمبالغة او المظاهر، بل كانت اخلاقا رفيعة، وادابا عالية، ونخوة قبل كل شيء، قبل المظاهر والاسراف.
اليوم تغيرت الاوضاع، واصبح من الواجب ان نميز بين ما هو من ثوابت الدين، وما هو من الاعراف الدنيوية التي يمكن تعديلها بما يناسب واقع الناس. فالاسلام، دين الرحمة والتيسير، دعا الى التخفيف والاعفاء، لا الى التكلّف والاسراف.
مبادرة الوزير جاءت في وقت يحتاج فيه المجتمع الى صوت عاقل يذكر الناس بجوهر الاشياء، ويضع حدا للمظاهر التي انهكت العائلات واثقلت كاهل الشباب. فهي خطوة جريئة وواعية تعبر عن ادراك عميق لمعاناة المواطن، وحرص حقيقي على بناء مجتمع متماسك يقوم على الوعي لا التفاخر.
ان تقليص بيوت العزاء الى يوم واحد، وتقليل المهور، ليستا مجرد مقترحات اجتماعية، بل دعوة الى العودة للبساطة التي تحفظ الكرامة وتقرّب القلوب.
وللتأكيد، فانها مبادرة طوعية وليست مشروع قانون، فمن اراد الاخذ بها فله الاجر والمثوبة، ومن لم يرد فليس مطالبا بها، فالمقصود التوعية لا الالزام، والارشاد لا الفرض.
انها مبادرة تنبع من وعي وطني صادق، تستحق التقدير والدعم، لأنها تضع مصلحة المجتمع فوق مظاهر العادات، وتعيد الى حياتنا جوهرها الاصيل وقيمها النبيلة.