تتجدد فينا مشاعر الوفاء والاعتزاز، ونحن نُحيي ذكرى ميلاد الراحل العظيم الملك الحسين بن طلال طيب الله ثراه، القائد الذي نقش اسمه في وجدان الأمة عنواناً للكرامة والعطاء، وقاد وطناً على أسس من المجد والعزة والبطولة .
لقد كان الحسين الباني، طيب الله ثراه، مدرسة متفرّدة في القيادة والإنسانية، جمع في شخصيته دفءَ الأب، وصلابة القائد، وبصيرة الهاشميين التي أنارت دروب الوطن، ورسّخت في وجدان الأردنيين معنى الانتماء والوفاء. أحبّ شعبه وأحبوه، فكان قريباً من كل بيت، حاضراً في قلوب الأردنيين جميعاً ، وفي مقدمتهم رفاق السلاح من القوات المسلحة والأجهزة الأمنية الذين كان يراهم أبناءه وإخوته في مسيرة البناء والدفاع.
لقد آمن الحسين، رحمه الله، أن القوة الحقيقية للأوطان تُقاس بثقة الشعب بقيادته ووحدته خلف رايته. ومن هذا الإيمان الراسخ، جعل من الجيش العربي الأردني مدرسةً في الانضباط والتضحية والاحتراف، فطوّره وأولاه كل عناية ورعاية، حتى أصبح نموذجاً يحتذى في الشجاعة والانتماء والانضباط.
ولأن الحسين كان يدرك قيمة الجندي بعد انتهاء خدمته كما يدركها أثناءها، فقد أراد أن تبقى كرامة الجندي مصونة بعد التقاعد، فأنشأ المؤسسة الاقتصادية والاجتماعية للمتقاعدين العسكريين والمحاربين القدماء، لتكون بيتاً كريماً يجمع رفاق السلاح، وصرحاً وطنياً يُعنى بشؤونهم المعيشية والاقتصادية والاجتماعية.
فكانت المؤسسة ترجمة صادقة لفكر الحسين الإنساني وعدالته الاجتماعية، وامتداداً لمفهوم «الوفاء لأهل الوفاء» الذي غرسه في ضمير الدولة الأردنية الحديثة.
واليوم، ونحن نعيش في ظل الراية الهاشمية الخفاقة بقيادة جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين المعظم، نجد أن إرث الحسين ما يزال حياً نابضاً في كل جزء من تفاصيل الدولة، فقد واصل جلالته طريق الراحل العظيم بثقة وعزيمة، فطوّر القوات المسلحة والأجهزة الأمنية لتواكب أرفع المعايير في الكفاءة والجاهزية، وجعل من الأمن والاستقرار الأردني نموذجاً يُحتذى في المنطقة والعالم.
كما أولى جلالة الملك عبدالله الثاني اهتماماً خاصاً بالمتقاعدين العسكريين، تقديراً لدورهم الكبير في حماية الوطن وصون منجزاته. فكان دائم التأكيد على أن المتقاعدين ليسوا خارج الخدمة، بل هم الرديف والسند، والخبرة التي تستند إليها الدولة في شتى المجالات.
واليوم، إذ نُحيي ذكرى ميلاد الحسين الباني، نستذكر بكل الفخر المسيرة الممتدة من الحسين إلى عبدالله الثاني، تلك المسيرة التي عبرت بالأردن كل التحديات بثبات واقتدار، وجعلت منه وطناً عصياً على الفتن، راسخاً على ثوابته، متمسكاً برسالته الهاشمية في الدفاع عن العدل والحق والإنسان.
إن الأردن، بفضل قيادته الهاشمية الحكيمة، وبسواعد رجاله في القوات المسلحة الأردنية – الجيش العربي، والأجهزة الأمنية الباسلة، وبإخلاص المتقاعدين العسكريين الذين ما زالوا على العهد، يسير بخطى ثابتة على درب الأمان والتقدم.
رحم الله الحسين الباني، وأكرم مثواه في عليين، وحفظ الله جلالة الملك عبدالله الثاني وسمو ولي عهده الأمين، ليظل الأردن كما أراده الحسين دوماً وطن الكرامة، ومنارة الوفاء، وميدان الرجال الأوفياء.