في يومِ الأربعاءِالماضي الموافقِ السادسِ من تشرينَ الثانيّ، كان لي شرفُ حضورِ اجتماعِ الأُمّهاتِ في مدرسةِ أَنيسةَ بنتِ كعبٍ الأساسيّةِ للبناتِ، وقد غمرتني مشاعرُ الإعجابِ والتقديرِ منذُ اللحظةِ الأولى لدخولي إلى حَرَمِ المدرسةِ.
لم يكن الاجتماعُ مجرّدَ لقاءٍ روتينيٍّ أو مناسبةٍ اعتياديّةٍ، بل كان نموذجًا فريدًا في حُسنِ التنظيمِ، ودِفءِ الاستقبالِ، ورُقيِّ التعاملِ، بما يعكسُ صورةً مشرّفةً عن الإدارةِ والمعلماتِ على حدٍّ سواء.
ما شدَّ انتباهي حقًّا هو أسلوبُ المدرسةِ المُبتكَرُ في إدارةِ هذا اللقاءِ، حيثُ تمَّ توزيعُ المعلماتِ على الصفوفِ وِفقَ التخصّصاتِ، فكان في كلِّ صفٍّ مجموعةٌ من المعلماتِ اللواتي يُدرّسنَ المادةَ نفسَها لمستوياتٍ دراسيّةٍ مختلفةٍ، كأنْ تكونَ معلماتُ الرياضياتِ في صفٍّ واحدٍ تُدرّسُ كلٌّ منهنَّ صفوفًا متعدّدةً مثلَ الرابعِ والسادسِ، وقد وُضِعَت لافتةٌ واضحةٌ أمامَ كلِّ صفٍّ تُبيّنُ التخصّصَ.
بهذا النظامِ الدقيقِ والرّاقي، أُتيحَ لكلِّ أُمٍّ أن تتوجّهَ بسهولةٍ إلى المعلماتِ المتخصّصاتِ في مادةٍ معيّنةٍ، لتسألَ عن مستوى ابنتِها، وتتعرفَ على نقاطِ القوّةِ والضّعفِ لديها، وما تحتاجُ إليه من متابعةٍ أو دعمٍ إضافيٍّ. لقد كان الأسلوبُ في غايةِ الجَمالِ والوضوحِ، وسهّلَ علينا كأُمّهاتٍ فَهمَ واقعِ بناتِنا التعليميِّ بطريقةٍ مباشرةٍ ومثمرةٍ.
ولم يكنِ التنظيمُ وحدَه ما لفتَ انتباهي، بل كذلك حفاوةُ الاستقبالِ، واهتمامُ المعلماتِ الصادقُ بكلِّ طالبةٍ، وحرصُهُنَّ على تقديمِ الملاحظاتِ والنصائحِ بروحٍ من المحبّةِ والتعاونِ. لقد كان واضحًا أنّ العملَ في هذه المدرسةِ يسيرُ ضمنَ منظومةٍ منسجمةٍ، هدفُها الأسمى مصلحةُ الطالباتِ وتقدّمُهُنَّ العلميُّ والأخلاقيُّ.
ولا يفوتُني أن أُعبّرَ عن خالصِ شكري وتقديري لمديرةِ المدرسةِ الأستاذةِ أماني الجمل، التي أبدعتْ في قيادتها لهذا الصرحِ التربويِّ، وأثبتتْ أنّ الإدارةَ الحكيمةَ قادرةٌ على خلقِ بيئةٍ تعليميّةٍ راقيةٍ تُثمرُ نجاحًا وتميّزًا في كلِّ جانبٍ.
إنّ اجتماعَ الأُمّهاتِ في مدرسةِ أَنيسةَ بنتِ كعبٍ لم يكن مجرّدَ لقاءٍ لمناقشةِ النتائجِ، بل تجربةً مُلهِمةً تُجسّدُ معنى الشراكةِ الحقيقيّةِ بين الأسرةِ والمدرسةِ، وتؤكّدُ أنّ التعليمَ رسالةٌ ساميةٌ لا تكتملُ إلّا بتكاملِ الجهودِ.
أمّا على الصعيدِ الشخصيِّ، فقد غادرتُ الاجتماعَ وأنا أحمِلُ شعورًا عميقًا بالامتنانِ والفخرِ، وشعرتُ بأنّ دوري كأُمٍّ أصبح أوضحَ وأعمقَ. هذا اللقاءُ منحني دَفعةً قويّةً للاستمرارِ في متابعةِ بناتي بجدٍّ أكبرَ، وتقديمِ الدّعمِ لَهُنَّ بثقةٍ وحُبٍّ، كما فَتحَ أمامي آفاقًا جديدةً لفَهمِ احتياجاتِهِنَّ التعليميّةِ وتقديرِ جهودِ المعلماتِ المخلِصةِ.
كلُّ الشكرِ والتقديرِ لإدارةِ المدرسةِ ومعلماتِها الفاضلاتِ على هذا التنظيمِ الرّاقي، والجُهدِ العظيمِ الذي يستحقُّ كلَّ الثناءِ.