ودع الأردن بالأمس قامة وطنية باسقة من جباله العظيمة ورجالاته الماجدة
أبو حديثة معالي جمال الخريشا ذاك الهرم الوطني والشجرة الشامخة التي ما حناها الموت ولا أضعف غصنها الندّي ووقفتها المهابة الجليلة .
ودعنا أبي حديثة والقلوب تعتصر ألما وسماء الوطن تعتم وقد ناحته حرائر البادية وأشجار البطم فيها وسيدات المدينة وجيران الدار والحي وعجائز البيوت الضعيفات وجنود الوطن ورفاق السلاح والجيل الأشم العاصف وجنود الوطن الأوفياء بأشمغتهم الدامعة وأصواتهم المتحسرة تلك على الكفوف الندية واليد البيضاء التي ما عرفت إلا العطاء والسخاء والجود درباً .
توفي أبي حديثة ، وقد كرس للمجد بنيانا، وللشهامة نيشانا ورحل العسكري الشجاع المقدام وما رحل إرثه ومجده وانتماء كلماته وأساطير بطولاته وترجل السياسي وما عرف قبلة غير الوطن والأرض ولا سيرة سوى الأردن وأهله ولا اتجاها يؤشر إلا غيرة على أرضه وثراه .
رحم الله أبي حديثة وقد ترك الأمانة في الشهداء والجيش والمسجد وكأنه يعرف أن الجيش والشهداء والمساجد هم القلادة والسور الذي يحمي الوطن
وتبقى تفتقده الكلمة والنص والحرف وأركان الشرفات والمنازل والزائرين الذين ما وجدوا دونه سبيلا
وأطال الله في عمر ذريته تكمل دربه وتسير على ذات الخطى .