تعيش إسرائيل مرحلة من أكثر مراحلها السياسية حساسية خلال العقد الأخير، مع تزامن اشتداد العمليات العسكرية على الجبهة اللبنانية والسورية، وتفاقم الانقسام الداخلي حول سياسة الحكومة، وتلوّح ملفات قضائية تلاحق رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو منذ سنوات. هذا المشهد المركّب فتح باب التساؤلات حول مستقبل نتنياهو السياسي، وإمكانية حصوله على عفو رئاسي، أو تفعيل آلية لعزله، أو حتى بقائه في السلطة لفترة محدودة ترتبط بحسابات داخلية وخارجية.
تصاعد التوترات الإقليمية… ورئيس وزراء تحت الضغط
تبدو إسرائيل اليوم في وضع استراتيجي متشابك:
– مواجهات على حدود لبنان،
– ضربات متبادلة في سوريا،
– تخوّف داخلي من تمدد دائرة الحرب،
– وانقسام سياسي غير مسبوق بين اليمين والوسط.
في مثل هذه الظروف، غالبًا ما تتحول القيادة السياسية إلى نقطة ارتكاز أو إلى محور أزمة، وهو ما ينطبق على نتنياهو، الذي يُنظر إليه من قِبل أنصاره باعتباره "الحارس الأخير" لمشروع اليمين، بينما يعتبره خصومه "مصدراً للتهديد" على تماسك الدولة ومستقبلها.
العفو الرئاسي… أداة سياسية أم مخرج قانوني؟
الرئيس الإسرائيلي يمتلك صلاحية منح العفو، لكن هذه الخطوة عادة لا تُستخدم في ذروة الحياة السياسية، لما تحمله من تداعيات خطيرة على شرعية المؤسسات.
إلا أن السؤال يبقى مطروحًا في الأوساط السياسية والإعلامية:
هل يمكن أن يتدخل الرئيس بعفو يضمن خروج نتنياهو من المشهد السياسي دون انفجار داخلي؟
وفق تحليل عدد من المراقبين، ترتبط الإجابة بثلاثة عوامل:
1. تطور الحرب على الحدود الشمالية.
2. مدى قدرة الحكومة على الصمود أمام المعارضة.
3. الموقف الأميركي من استمرار نتنياهو في قيادة إسرائيل.
قلق داخلي… وهجرة غير معلنة
يلاحظ المتابعون تزايد ظاهرة سعي عدد من الإسرائيليين للحصول على جوازات بديلة – ومنها الجواز البرتغالي – كخطوة احتياطية في حال حدوث تغييرات جذرية في المشهد السياسي أو الأمني.
لا يمكن الجزم بأن هذه الظاهرة دليل انهيار، لكنها بلا شك تعكس حالة خوف وجودي لدى بعض الفئات، خاصة مع تصاعد الخطاب المتشائم داخل المجتمع الإسرائيلي.
اللوبي الصهيوني وواشنطن… إعادة تموضع؟
الولايات المتحدة تُعدّ العامل الأكثر تأثيرًا في مستقبل أي قائد إسرائيلي. ويشير محللون إلى أن العلاقة بين نتنياهو والإدارة الأميركية الحالية تمر بمرحلة برود واضح، ما يدفع بعض دوائر النفوذ في واشنطن إلى التفكير ببدائل سياسية "أكثر قدرة على تنفيذ رؤية أميركية للشرق الأوسط".
وتطرح بعض المراكز البحثية فكرة الدفع بـ"قيادة جديدة" أو ترتيب سياسي إقليمي يشمل أطرافًا عربية تحت عنوان "مجلس السلام" أو أي إطار يُعيد ضبط توازن القوى في المنطقة.
سيناريوهات قادمة… هل يقترب زمن التغيير؟
يرى عدد من المحللين أن نتنياهو، رغم قدرته على المناورة، قد يظل في السلطة لفترة محدودة فقط، استنادًا إلى دوره في إدارة الأزمة الحالية. لكنهم يشيرون أيضًا إلى أن المرحلة التي تلي الحرب ستفرض قواعد جديدة، ربما لا يكون نتنياهو قادرًا على التكيف معها.
إذا نجح، فقد يمدّد نَفَسه السياسي.
وإذا فشل، فقد يكون هو من يدفع ثمن الانهيار الداخلي والخارجي.
خاتمة
ليس واضحًا بعد ما إذا كان مستقبل نتنياهو يتجه نحو العفو، أو الإطاحة، أو الاستمرار المشروط. لكن المؤكد أن المنطقة مقبلة على تحولات كبيرة، وأن إسرائيل نفسها تقف عند مفترق طرق تاريخي.
فهل يكون نتنياهو آخر رؤساء حكومات "إسرائيل القديمة"، أم رائد مرحلة جديدة؟