أقرّ الكونغرس الأميركي تشريعا جديدا يقضي بإلغاء "قانون قيصر” الذي فُرض عام 2019، واستبداله بآلية مراقبة تتطلب من البيت الأبيض تقييم التزام الحكومة السورية 8 معايير سياسية وأمنية وإنسانية.
هذا التطور يشكل أول تغيير جذري في سياسة واشنطن تجاه دمشق منذ إقرار قيصر، إذ لا يرتبط الإلغاء برفع تلقائي للعقوبات، بل بتقارير دورية يقدّمها الرئيس الأميركي حول سلوك الحكومة السورية.
بموجب الوثيقة الصادرة ضمن التشريع الأميركي الجديد، لن يكون إلغاء عقوبات قيصر فورياً أو مطلقاً، بل سيكون مرتبطاً بقدرة الحكومة السورية على الوفاء بسلسلة معايير تُراجع كل 180 يوماً، ولمدة أربع سنوات.
وتشترط الوثيقة الأميركية أن تبادر الحكومة السورية إلى اتخاذ خطوات ملموسة في ملفات يعتبرها الكونغرس جوهرية، بدءاً من مكافحة الإرهاب عبر العمل مع الولايات المتحدة لمنع عودة تنظيم "داعش” والقاعدة، مرورا بإخراج المقاتلين الأجانب.
كما تطالب واشنطن دمشق بضمان حقوق الأقليات، وتأمين حرية العبادة والتمثيل العادل في مؤسسات الحكم.
وتلزم الوثيقة الحكومة السورية بتنفيذ اتفاق 10 مارس 2025 مع قوات سوريا الديمقراطية، وخصوصا ما يتعلق بدمج القوى الأمنية والتمثيل السياسي، إضافة إلى اتخاذ إجراءات فعّالة لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب وانتشار الأسلحة المحظورة، ومنع دعم أو إيواء جهات خاضعة للعقوبات الدولية.
وينص القانون على أن الرئيس الأميركي ملزم بإبلاغ الحكومة السورية بنتائج التقرير الدوري، وأن أي إخفاق في تحقيق "شهادة إيجابية” لمرتين متتاليتين قد يؤدي إلى إعادة فرض عقوبات محددة تستهدف أفرادا، باستثناء العقوبات المتعلقة باستيراد البضائع.
كيف يُطبق الإلغاء؟
ينص التشريع على أن الرئيس الأميركي سيقدم أول تقرير خلال 90 يوما من بدء نفاذ القانون، ثم تقريرا كل 180 يوما، على مدى أربع سنوات، لتقييم مدى التزام دمشق بالشروط المذكورة.
ويوضح النص أن الإلغاء القانوني لقيصر لا يعني تلقائيا رفع جميع العقوبات الأميركية، بل إنه يُعيد صياغة الآلية، عبر الانتقال من عقوبات شاملة تطال البنية الاقتصادية السورية إلى نظام رقابة ومحاسبة مشروط يعتمد على السلوك السياسي والأمني للحكومة السورية.
كما يتيح القانون للرئيس "النظر” في فرض عقوبات جديدة على أفراد محددين في حال عدم التزام دمشق بالشروط، ما يعني أن بنيته القانونية تجمع بين رفع جزئي ومرونة مشروطة بالحوافز والضوابط.
يمثل هذا التحول إشارة سياسية مهمة في واشنطن، إذ يربط أي تقارب أو تخفيف للعقوبات بتحسينات قابلة للقياس في ملفات حساسة تشمل مكافحة الإرهاب، وحقوق الإنسان، والتمثيل السياسي، وضبط الحدود.
ويعيد النص الأميركي فتح النقاش حول مستقبل العلاقة بين سوريا والولايات المتحدة، ليس بوصفه رفعا نهائيا للعقوبات، بل خارطة طريق مشروطة لاختبار نوايا الحكومة السورية خلال السنوات المقبلة.
ويفتح القرار الأميركي الآفاق لمرحلة جديدة من التعامل مع الملف السوري، تقوم على المراقبة، والاشتراط، وتدريج التخفيف، لا على المقاربة العقابية الكاملة التي عرفتها فترة ما بعد عام 2019.